كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 3)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تقدير، وإنما قلنا هاتين الكلمتين لأنك تقول: قلت كلمة كما تقول قلت قولا والقول يقع على ما يفيد وما لا يفيد. هذا كلام ابن خروف (¬1) وبنو سليم يجرون القول وفروعه مجرى الظن وفروعه في نصب المبتدأ والخبر وفتح «أن» الواقعة بعده (¬2) فمن نصب المبتدأ والخبر على لغة سليم قول الراجز (¬3):
1164 - قالت وكنت رجلا فطينا ... هذا لعمرو الله إسرائينا (¬4)
فنصبه إسرائينا بقالت مفعولا ثانيا وجعل «هذا» مفعولا أول، و «إسرائين» لغة في إسرائيل، ومن فتح أن بعد القول على لغة بني سليم قول الشاعر:
1165 - إذا قلت أنّي آئبّ أهل بلدة ... وضعت بها عنه الوليّة بالهجر (¬5)
هكذا أنشده أبو علي في التذكرة وهذا الاستعمال عند غير بني سليم لا يكون إلا في المضارع المسند إلى المخاطب مقصودا به الحال بعد استفهام متصل نحو قول الراجز (¬6): -
¬__________
(¬1) ينظر جمل الزجاجي (8 / أ)، والتذييل (2/ 1069)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 291 - 292).
(¬2) ينظر المقدمة الجزولية (ص 264) تحقيق د/ شعبان عبد الوهاب، والجامع الصغير لابن هشام (ص 73).
(¬3) لم يعلم وقيل إنه لأعرابي كان قد صاد ضبّا فأتى به أهله فأنكروه وقالت له امرأته: هذا إسرائيل تريد هذا بعض ما مسخ الله من ذرية إسرائيل.
(¬4) البيت في أمالي القالي (2/ 44)، والتذييل (2/ 1082)، والمخصص (13/ 282)، وسمط اللآلئ (ص 681)، والتصريح (1/ 264)، وحاشية يس (2/ 42)، والهمع (1/ 157)، والدرر (1/ 139)، والأشموني (2/ 37)، واللسان (يس) وشرح الألفية لابن الناظم (ص 80)، وشرح المكودي (ص 70).
ويروي البيت برواية أخرى أيضا هي:
وقالت أهل السوق لما جينا ... هذا وربّ البيت إسرائينا
والشاهد قوله: (قالت ... هذا ... إسرائينا) حيث نصب بقال اسم الإشارة وهو المفعول الأول (وإسرائينا) وهو المفعول الثاني.
(¬5) البيت من الطويل وهو في شرح الجمل لابن عصفور ط العراق (1/ 462)، والتذييل (2/ 1081)، والعيني (2/ 432) والتصريح (1/ 262)، والأشموني (2/ 38)، وديوانه (ص 104) ويروى البيت برواية: (نزعت، حططت) مكان «وضعت».
اللغة: الولية: البرذعة التي توضع فوق البعير. الهجر: نصف النهار عند اشتداد الحر.
والشاهد قوله: (إذا قلت إني) حيث فتح همزة (أن) لأن «قلت» بمعنى ظننت، وهذه لغة سليم.
(¬6) هو هدبة بن خشرم وهو شاعر مقدم فصيح من بادية الحجاز.