كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بقاء المحكي وحذف القول نظير بقاء المفعول وحذف الفعل، وذلك في الكلام [2/ 217] كثير فلحق به النظير. وأيضا قد جاء بعد النداء وشبهه مما نحن بصدده القول مصرحا به؛ فدل ذلك على صحة التقدير عند عدم التصريح، فمن مواضع التقدير: قوله تعالى: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا (¬1) وقوله تعالى: فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (¬2) وقوله تعالى: دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (¬3) وقوله تعالى:
وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ (¬4) ومنها قول الراجز أنشده الفراء:
1175 - إني سأبدي لك مما أبدي ... لي شجنان شجن في نجد
وشجن لي في بلاد الهند (¬5)
ومن مواضع التصريح: قوله تعالى: وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ (¬6) وقوله تعالى: وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي (¬7) وقوله تعالى: إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (3) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي (¬8) انتهى (¬9) وكلام ابن عصفور في المقرب يوافق قول الكوفيين فإنه قال: الجملة لا تحكى إلا بعد القول أو فعل في معناه نحو قولك:
قرأت الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * وأورد في هذا الفصل البيت المشهور وهو:
1176 - تنادوا بالرّحيل غدا (¬10)
فلولا أن المصنف جعل تقدير القول مذهب البصريين لقلت: إن مذهبهم هو -
¬__________
(¬1) سورة هود: 42.
(¬2) سورة إبراهيم: 13.
(¬3) سورة يونس: 22.
(¬4) سورة الزخرف: 77.
(¬5) لم يعلم قائله ولم يعزه الفراء لراجز معين بل اكتفى بقوله: أنشدني الكسائي. الرجز في معاني القرآن للفراء (1/ 80). وينظر التذييل (2/ 1084، 1085)، وشرح التسهيل للمصنف (80 / ب).
والشاهد قوله: (سأبدي ... لي شجنان) حيث جعل جملة (لي شجنان) مقولة لقول محذوف تقديره «أقول» وقد جعل الكوفيون الجملة معمولة (لأبدي) لأنهم يلحقون بالقول ما في معناه.
(¬6) سورة الأعراف: 48.
(¬7) سورة هود: 45.
(¬8) سورة مريم: 3، 4.
(¬9) شرح التسهيل للمصنف (2/ 97).
(¬10) تقدم، وانظر المقرب (1/ 293).

الصفحة 1550