كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فنقول: قد تقدم التنبيه على أن المفرد ينصب بالقول وفروعه في موضعين:
أحدهما: إذا كان بمعنى جملة كقلت حديثا.
والثاني: إذا أريد به مجرد اللفظ كقلت لزيد عمرا بمعنى أطلعت عمرا على المسمى بزيد (¬1) فإن علق بالقول مفرد بخلاف ذينك فهو جزء جملة فإما أن ينصب بفعل مقدر وإما أن يرفع مبتدأ ويجعل الخبر محذوفا أو خبرا ويجعل المبتدأ محذوفا كقوله تعالى: قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ * (¬2) فتقدير الأول: سلمنا سلاما، وتقدير الثاني: «عليكم سلام» أي تحيتكم سلام (¬3).
قال المصنف (¬4): ويجوز في العربية رفعهما ونصبهما ورفع الأول ونصب الثاني (¬5)، قال الشاعر:
1181 - مررنا فقلنا إيه سلّم فسلّمت ... كما اكتلّ بالبرق الغمام اللّوائح (¬6)
[2/ 218] وأشار المصنف بقوله: وكذا إن تعلق بغير القول إلى أنه لو تعلق المفرد الذي هو في التقدير بعض جملة بغير القول ونوي تمام الجملة لجيء به أيضا محكيّا -
¬__________
(¬1) تقدم تفصيل القول في هاتين المسألتين.
(¬2) سورة هود: 69، وسورة الذاريات: 25.
(¬3) ينظر المقتضب (4/ 11)، وشرح الرضي على الكافية (2/ 289)، والبحر المحيط (8/ 138، 139)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 20 - 21)، والحجة في القراءات لابن خالويه (ص 189)، والكشاف (1/ 367)، واملاء ما من به الرحمن (2/ 41 - 42)، وتحبير التيسير (ص 122).
(¬4) شرح التسهيل لابن مالك (2/ 99).
(¬5) في معاني القرآن للفراء (2/ 21) وقرأ العامة قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ * نصب الأول ورفع الثاني ولو كانا جميعا رفعا ونصبا كان صوابا فمن رفع أضمر (عليكم) وإن لم يظهرها كما قال الشاعر:
فقلنا السّلام فاتّقت من أميرها ... فما كان إلا ومؤها بالحواجب
والعرب تقول: التقينا فقلنا: سلام سلام وحجة أخرى في رفعه الآخر أن القوم سلموا فقال: حين أنكرهم: هو سلام إن شاء الله فمن أنتم لإنكاره إياهم وهو وجه حسن. اه.
(¬6) البيت نسب في شرح شواهد الكشاف لذي الرمة. وهو من بحر الطويل وهو في التذييل (2/ 1089)، والبحر المحيط (5/ 241)، والكشاف (1/ 367)، وشرح شواهده (ص 29)، ومعاني القرآن للفراء (3/ 21)، واللسان (سلم) برواية:
فقلنا إيه سلم فسلمت ... فما كان إلا ومؤها بالحواجب
والشاهد قوله: (فقلنا إيه سلم) حيث رفع (سلم) على أنه خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف.

الصفحة 1553