كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعن الثاني: أن يقال: الإسناد كما يكون إلى الفاعل يكون إلى المبتدأ، والذي يسند إلى المبتدأ هو الخبر، وإذا كان الخبر مسندا فلفظ المسند صادق عليه، وإذا كان كذلك؛ فقول المصنف: (وهو المسند إليه فعل أو مضمّن معناه) يصدق على «زيد» من نحو: قائم زيد، أنه مسند إليه ما ضمن معنى الفعل (¬1) وعلى الَّذِينَ ظَلَمُوا (¬2) أنه مسند إليه فعل (¬3)، وقد قدم المسند عليهما، فلو اقتصر على ما تقدم لزم أن يكون «زيد» والَّذِينَ ظَلَمُوا فاعلين، ولا شك في أنهما مبتدآن فوجب إخراجهما فأخرجهما بقوله: (فارغ)؛ لأن قائما وإن كان مسندا مقدما فليس فارغا، وكأن الشيخ قصر الإسناد على الإسناد إلى الفاعل فتوجهت له المناقشة.
ويدل على أن الموجب للمصنف الاحتراز بقوله: فارغ، ما قلته تقييد ابن عصفور تقديم المسند على المسند إليه بقوله: (لفظا ورتبة) (¬4)، فأخرج بقوله: (ورتبة) نحو: منطلق زيد؛ لأن منطلقا وإن تقدم لفظا مؤخر رتبة؛ فلو لم يصدق على منطلق في هذا التركيب أنه مسند إلى زيد لم يحتج إلى قوله: (ورتبة).
لكن هاهنا بحث: وهو أنه قد ينازع في الفعل نحو: وَأَسَرُّوا (¬5) فيقال: إنه ليس مسندا إلى المبتدأ إنما المسند إليه الجملة بتمامها وهو متجه.
وقد يقال في جوابه: إذا كانت الجملة مسندة صدق أن الفعل الذي هو جزء الجملة مسند أيضا وفيه نظر وبعد، فإن تم هذا البحث فيكون الاحتراز حينئذ إنما هو عن نحو: قائم زيد، لكن كلام المصنف شامل للاسم والفعل، وقد مثل بهما فدل تمثيله على أنهما مرادان، وإذا تقرر هذا فاعلم أن المصنف لما ذكر أن الفاعل يكون غير اسم وأنشد:
1195 - يسرّ المرء ما ذهب اللّيالي ... .... البيت (¬6)
أنشد قول الشاعر:
1196 - ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها ... أم بلت حيث تلاطم البحران (¬7)
-
¬__________
(¬1) وهو «قائم»؛ لأنه اسم فاعل.
(¬2) سورة الأنبياء: 3.
(¬3) وهو قوله تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى.
(¬4) ينظر: المقرب (1/ 53).
(¬5) سورة الأنبياء: 3.
(¬6) تقدم ذكره.
(¬7) البيت من الكامل وهو للفرزدق، وهو في: الأمالي الشجرية (1/ 266)، والتذييل (2/ 1117)، -

الصفحة 1574