كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ما أسند إليه.
الثانية: أن الاسم الذي أشير إليه بأنه إذا قدم يكون مبتدأ، إنما يكون كذلك إذا لم يل ما يطلب الفعل، أما إذا ولي الاسم ما يطلب الفعل فإنه يتعين فيه كونه فاعلا لفعل مضمر على المذهب المختار (¬1).
قال المصنف (¬2): وإن قدم الاسم على الفعل أو ما ضمن معناه صار مرفوعا بالابتداء، وبطل عمل ما تأخر فيه؛ لأنه تعرض بالتقديم لتسلط العوامل عليه كقولك في زيد قائم: إن زيدا قائم؛ فتأثر «زيد» بـ «إنّ» دليل على أن الفعل شغل عنه بفاعل مضمر، وأنّ رفع «زيد» إنما كان بالابتداء وهو عامل ضعيف، فلذلك انتسخ عمله بعمل «إن»؛ لأن اللفظ أقوى من المعنى، ولو كان الفعل غير مشغول بمضمر حين أخر، كما كان حين قدم لم يلحقه ألف الضمير ولا واوه ولا نونه في نحو: الزيدان قاما، والزيدون قاموا [2/ 230]، والهندات قمن. كما لا تلحقه في نحو: قام الزيدان، وقام الزيدون، وقامت الهندات إلا في لغة ضعيفة (¬3)، وإن كان الاسم المتقدم على الفعل مسبوقا بما
يطلب الفعل فهو فاعل فعل مضمر يفسره الظاهر المتأخر نحو: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ (¬4)، وكقول الشاعر:
1200 - فمتى واغل ينبهم يحيّو ... هـ وتعطف عليه كأس السّاقي (¬5)
-
¬__________
(¬1) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (1/ 159)، والبهجة المرضية للسيوطي (ص 46)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 83)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 4، 5)، وشرح الألفية للمكودي (ص 71)، وأوضح المسالك (1/ 130)، والتصريح (1/ 271)، وشرح ابن عقيل بحاشية الخضري (1/ 161)، والأشموني (2/ 46)، وشرح عمدة الحافظ (ص 85).
(¬2) انظر: شرح التسهيل لابن مالك (2/ 107).
(¬3) يقصد لغة «أكلوني البراغيث».
(¬4) سورة التوبة: 6. في معاني القرآن للأخفش (1/ 217): «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فابتدأ بعد إن، وأن يكون رفع أحدا على فعل مضمر أقيس الوجهين؛ لأن حروف المجازاة لا يبتدأ بعدها إلا أنهم قالوا ذلك في «إن» وحسنها إذا وليتها الأسماء وليس بعدها فعل مجزوم في اللفظ» اه.
(¬5) البيت من الخفيف وهو لعدي بن زيد العبادي، وهو في: الكتاب (3/ 113)، والمقتضب (2/ 74)، والأمالي الشجرية (1/ 332)، والإنصاف (2/ 617)، وابن يعيش (9/ 10)، وأصول النحو لابن السراج (2/ 242)، والتذييل (2/ 1127)، والخزانة (1/ 456)، (3/ 639)، والهمع (2/ 59)، -

الصفحة 1581