كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا ينشد إلا رفعا وقد سقط الفعل على شيء من سببه، وهذا قد ابتدئ بعد «إن»، وإن شئت جعلته رفعا بفعل مضمر هذا نصه (¬1)، وقد أشرت إلى هذا وغيره بقولي في آخر الفصل: خلافا لمن خالف. انتهى كلام المصنف (¬2).
والمخالف هم الكوفيون؛ لأنهم أجازوا كون الاسم المقدم على الفعل فاعلا لذلك الفعل المؤخر كما عرفت،
والأخفش؛ لأنه أجاز كون الاسم المرفوع الواقع بعد أدوات الشرط مبتدأ كما نقل المصنف وغيره عنه. واعلم أن الذي نسبه المصنف إلى الأعلم وابن عصفور في:
1207 - .. وقلّما ... وصال على طول الصّدود يدوم (¬3)
هو قول سيبويه؛ لأنه جعله من باب (¬4) الاستقامة والإحالة بقوله: كي زيد يأتيك (¬5)، ولا وجه لهذا إلا تقديم الفاعل على الفعل فكذلك هذا، ولما ذكر سيبويه الحروف التي لا يليها إلا الفعل وذكر قلّما قال: وقد يقدّمون الاسم في الشعر، قال:
1208 - صددت فأطولت الصّدود وقلّما ... وصال على طول الصّدود يدوم (¬6)
انتهى. وقلّما إذا لحقتها «ما» وكان معناها على النفي المحض لا على مقابلة كثر، اختصت بالفعل ولا يليها غيره إلا في الضرورة كما تقدم وهل هي حرف أو فعل، لهم في ذلك نظر، قالوا: والأظهر أنها فعل؛ لثبوت ذلك فيها قبل لحوق «ما» واستعمالها للنفي المحض لكنها لما استعملت استعمال ما لا يحتاج إلى فاعل لم يكن لها فاعل (¬7).
¬__________
-
فهل أنت عمّا بين جنبيك تدفع
والشاهد قوله: «إن نفسي أتاها حمامها»؛ حيث رفع «نفسي» بعد «إن» بالابتداء وهو مذهب الأخفش ويمكن أن تقدر فعلا موافقا في المعنى للفعل المفسر وتكون «نفسي» فاعلا به.
والتقدير: إن ماتت نفسي أتاها حمامها.
(¬1) معاني القرآن للأخفش (1/ 217).
(¬2) ينظر: شرح التسهيل (2/ 110).
(¬3) تقدم ذكره.
(¬4) زاد في (ب) بعد قوله: لأنه جعله من «المستقيم القبيح الذي في غير موضعه، وقد مثل سيبويه المستقيم القبيح في باب الاستقامة».
(¬5) ينظر: الكتاب (1/ 31).
(¬6) الكتاب (3/ 115).
(¬7) ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (8/ 132).

الصفحة 1585