كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من أول وهلة أن الفاعل أو ما جرى مجراه مؤنث، كقولك: ظهرت الجنب وكانت الربعة حائضا وثبتت الهمزة وجعلوا لحاقها في اللغة المشهورة لازما إن كان المسند إليه ضميرا متصلا حقيقي التأنيث أو مجازيّه كهند قامت، والدار حسنت، أو كان ظاهرا متصلا حقيقي التأنيث مفردا أو مثنى أو مجموعا جمع تصحيح، كقامت هند، وقعدت
بنتاها، وذهبت عماتها (¬1).
وأشرت بقولي: (أو مؤول به) إلى نحو أتته كتابي؛ على تأويل كتاب بصحيفة (¬2)، وأشرت بـ (مخبر عنه) إلى نحو قول الشاعر (¬3):
1209 - ألم يك غدرا ما فعلتم بشمعل ... وقد خاب من كانت سريرته الغدر (¬4)
فوصل كان بالتاء وهي مسندة إلى الغدر؛ لأن الخبر مؤنث فسري منه التأنيث إلى المخبر عنه؛ لأن كلّا منهما عبارة عن الآخر، ومثله قراءة نافع وأبي عمرو وأبي بكر (¬5) ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا (¬6) فألحقت تاء التأنيث بالفعل وهو مسند إلى القول؛ لأن الخبر مؤنث. وأشرت بـ (مضاف إليه مقدر الحذف) - إلى نحو قول الشاعر:
1210 - مشين كما اهتزّت رماح تسفّهت ... أعاليها مرّ الرّياح النّواسم (¬7)
فألحق التاء بتسفهت وهو مسند إلى «مر» لإضافته إلى مؤنث مع استقامة الكلام -
¬__________
(¬1) ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص 85)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 9)، وشرح المكودي (ص 72)، وشرح الأشموني (2/ 51)، وأوضح المسالك (1/ 135).
(¬2) ينظر: الخصائص (1/ 149)، (2/ 416).
(¬3) هو أعش تغلب ويسمى يحيى بن معاوية من بني تغلب، شاعر أموي مشهور، توفي سنة (92 هـ).
ينظر: معجم الأدباء (4/ 207).
(¬4) البيت من الطويل وهو في التذييل (2/ 1132)، وشرح التسهيل للمصنف (2/ 111)، والأمالي الشجرية (1/ 129).
والشاهد قوله: «من كانت سريرته الغدر»؛ حيث أنث الفعل المسند إلى الغدر وهو مذكر، ولكن لما أخبر عنه بمؤنث وهو قوله: «سريرة» سرى التأنيث من الخبر إلى المخبر عنه؛ لأن كلّا منهما عبارة عن الآخر.
(¬5) ينظر: الحجة في القراءات السبع لابن خالويه (ص 136)، وإتحاف فضلاء البشر (ص 206) وإملاء ما منّ به الرحمن (1/ 238).
(¬6) سورة الأنعام: 23.
(¬7) البيت من الطويل وهو لذي الرمة وهو في الكتاب (1/ 52، 56)، والمقتضب (4/ 197)، والخصائص (2/ 417)، والمحتسب (1/ 237)، والتذييل (2/ 1134)، والعيني (3/ 367)، ومعجم مقاييس اللغة (3/ 79)، والأشموني (2/ 248)، واللسان «سفه»، وديوانه (ص 616) برواية: -

الصفحة 1587