كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وبعض النحويين يحمل ما ورد من هذا على التأويل بمذكر، فيتأول «أرض» بمكان و «الحوادث» بالحدثان.
وقيدت الضمير بالاتصال احترازا من نحو: ما قام إلا أنت، فإن لحاق التاء في هذا ضعيف (¬1)، وقيدت الظاهر [2/ 233] الحقيقي التأنيث بالاتصال تنبيها على نحو قول الشاعر:
1214 - إنّ امرأ غرّه منكنّ واحدة ... بعدي وبعدك في الدّنيا لمغرور (¬2)
وليس مخصوصا بالشعر، فإن سيبويه حكى: حضر القاضي امرأة، وقال: «إذا طال الكلام كان الحذف أجمل» (¬3).
ونبهت بقولي: غير مكسّر، على أن حكم التاء في جمع التصحيح المؤنث كحكمها في مفرده ومثناه؛ فلا يقال: قام الهندات، إلّا على لغة من يقول: قال فلانة؛ لأن لفظ الواحد في جمع التصحيح على الحال التي كان عليها في الإفراد والتثنية، فيتنزل قولك: قامت الهندات منزلة قولك: قامت هند، وهند، وهند، هذا هو الصحيح، وعلى هذا لا يجوز: قامت الزيدون؛ لأنه بمنزلة: قام زيد وزيد وزيد (¬4)، ولا يستباح: قامت الزيدون بقول الشاعر: -
¬__________
- والتصريح (1/ 278)، والأشموني (2/ 53)، وديوانه (ص 120)، والعيني (2/ 466)، (4/ 327) والشاهد قوله: «فإن الحوادث أودى بها»؛ حيث لم يلحق الفعل تاء التأنيث مع أنه مسند لضمير المؤنث وهي ضرورة، وقد روي البيت برواية:
فإما تري لمتي بدلت ... فإن الحوادث أودى بها
(¬1) في شرح الألفيه للمرادي (2/ 9): «فإن كان منفصلا نحو: ما قام إلا أنت، ضعف إثبات التاء». اه.
(¬2) البيت من البسيط لقائل مجهول وهو في الخصائص (2/ 414)، والإنصاف (1/ 174)، وابن يعيش (5/ 53)، والعيني (2/ 476)، وشذور الذهب (ص 223)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 86)، والهمع (2/ 171)، والدرر (1/ 225)، والأشموني (2/ 52).
والشاهد قوله: «غره منكن واحدة»؛ حيث أسند الفعل إلى اسم ظاهر حقيقي التأنيث ولم يؤنث؛ لوجود الفاصل بين هذا الفعل وفاعله بقوله:
«منكن».
(¬3) الكتاب (2/ 38).
(¬4) في التوطئة للشلوبين (ص 93): «والجمع السالم حكمه حكم المفرد والمثنى في مذهب المحققين، نحو:
قامت الهندات، وكذلك: قام الزيدون، ولا تقول: قامت الزيدون ولا قام الهندات، ولا يعترض بنحو قوله:
قالت بنو عامر ... البيت
لأنه ألحق بالقبائل» اه. وينظر: شرح الألفية للمرادي (3/ 14).

الصفحة 1589