كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لكن الفراء ومن استجاز قول الشاعر (¬1):
1227 - كما شرقت صدر القناة من الدّم (¬2)
لم يجز أن يقول: شرقت صدرها إذا كنى عنها، وكذلك فالفعل بكل ما كنيت عنه وإنما كان كذلك؛ لأنّ المكنى لا
يفرد مما قبله، فيتوهّم في الأول أنه قد سقط واعتمد على الثاني ظاهرا، ألا ترى أن العرب تقول: لك نصف وربع الدرهم، ولا تقول: لك نصف وربعه (¬3). قال الشاعر:
1228 - يا من رأى عارضا يكفكفه ... بين ذراعي وجبهة الأسد (¬4)
ومحال أن يقول: بين ذراعي وجبهته، وقال الأعشى:
1229 - إلّا علالة أو بدا ... هة سانح نهد الجزاره (¬5)
-
¬__________
(¬1) هو الأعشى.
(¬2) عجز بيت من الطويل وصدره:
وتشرق بالقول الذي قد أذعنه
وهو في الكتاب (1/ 52)، والمقتضب (4/ 197، 199)، والخصائص (2/ 417)، وشرح المفصل لابن يعيش (7/ 151)، والمغني (2/ 513)، والعيني (2/ 59)، والأشموني (2/ 248)، وحاشية يس (2/ 31)، وديوانه (ص 94)، واللسان «شرق»، والمذكر والمؤنث للفراء (ص 115).
والشاهد قوله: «شرقت صدر القناة»؛ حيث أنث الفعل «شرق» مع أن فاعله مذكر وهو «الصدر» ولكن لما كان المضاف وهو «الصدر» بعض المضاف إليه وهو «القناة» أعطي حكمه.
(¬3) اعترض الألوسي في روح للمعاني (7/ 169) على رأي ابن مالك في هذه المسألة فقال في تفسير قوله تعالى: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ: «الضمير عائد على معمر آخر نظير ما قال ابن مالك في: عندي درهم ونصفه، أي: نصف درهم آخر، ولا يضر في ذلك احتمال أن يكون المراد مثل نصفه؛ لأنه مثال وهو استخدام أو شبيه به وإلى ذلك ذهب الفراء وبعض النحويين ولعله الأظهر» اه.
(¬4) البيت من المنسرح وهو للفرزدق وهو في: الكتاب (1/ 180) برواية «أسرّ به» مكان «يكفكفه»، والخزانة (1/ 369)، وابن يعيش (3/ 20)، والعيني (3/ 451)، وديوانه (ص 215) والمذكر والمؤنث للفراء (ص 15)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 322).
والشاهد قوله: «بين ذراعي وجبهة الأسد»؛ حيث فصل بلفظ «وجبهة» بين المضاف والمضاف إليه ولم يكنّ عن المضاف إليه وهو «الأسد» بالضمير فيقول: «بين ذراعي وجبهته» حتى لا يتوهم أنه أسقط الأول واستغنى بالثاني، والمكنى به وهو الضمير لا يمكن إفراده مما قبله.
(¬5) البيت من الكامل وهو في: الكتاب (1/ 179)، (2/ 166)، والمذكر والمؤنث للفراء (ص 116)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 331)، والبيان والتبيين للجاحظ (3/ 15)، والخصائص (2/ 407)، وسر -

الصفحة 1596