كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومن حذف فعل الفاعل قول عائشة رضي الله عنها: «فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان الشغل من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» (¬1) أي: بمعنى الشغل من أجل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
ومن إضمار فعل الفاعل لكون ما قبله يشعر به قول الشاعر:
1239 - أرى الأيّام لا تبقي كريما ... ولا العصم الأوابد والنّعاما
ولا علجان ينتابان روضا ... نضيرا نبته عمّا تؤاما (¬2)
فعلجان: فاعل «تبقي» مضمرا، لإشعار «تبقي» به، ومثله:
1240 - غداة أحلّت لابن أصرم طعنة ... حصين عبيطات السّدائف والخمر (¬3)
فالخمر: فاعل «حلت» مضمرا، لإشعار «أحلت» به، ومثله قول الآخر:
1241 - ولم يبق ألواء الثّماني بقيّة ... من الرّطب إلّا بطن واد وحاجر (¬4)
-
¬__________
(¬1) حديث شريف أخرجه البخاري في باب الصوم (40)، ومسلم في باب الصيام (151، 175، 177)، والترمذي صوم (65)، ومسند ابن حنبل (6/ 124، 131، 179). وينظر: المعجم المفهرس لألفاظ الحديث (3/ 133).
(¬2) البيتان من الوافر وهما لصخر الغي يرثي ابنه تليدا، في: التذييل (2/ 1164)، وشرح أشعار الهذليين للسكري (1/ 288، 289)، العلجان بالكسر: العير وحمار الوحش السمين، العمّ: بالضم النخل الطوال، التوأم: ما ولد مع غيره.
والشاهد قوله: «ولا علجان»؛ حيث رفعه وليس قبله فعل رافع له؛ فقدر له فعل يفسره، ويدل عليه الفعل المذكور، والتقدير: «ولا يبقى علجان».
اللغة: علجان: حماران غليظان - العصم: جمع أعصم وهو الوعل الذي في ذراعه بياض، الأوابد:
التي توحشت ونفرت من الإنس.
(¬3) البيت للفرزدق وهو من الطويل، وينظر في: مجالس العلماء للزجاجي (ص 21)، والجمل له أيضا (ص 212)، والحلل في شرح أبيات الجمل لابن السيد (ص 279)، والإنصاف (1/ 187)، والعيني (2/ 456)، والتصريح (1/ 247)، وديوانه (ص 317)، والتذييل (2/ 1169)، وأوضح المسالك (1/ 133).
والشاهد قوله: «... والخمر»؛ حيث رفع بفعل محذوف استلزمه الفعل المذكور وهو «أحلت» والتقدير: «وحلت له الخمر» وجاء في ديوان الفرزدق قوله: ورفع الخمر على تقدير: «والخمر حلت له» فهو بذلك يجعله مبتدأ محذوف الخبر.
(¬4) البيت من بحر الطويل وهو لذي الرمة من قصيدة طويلة في وصف الصحراء والناقة يمدح في آخرها بلال بن أبي موسي وهو في شرح التسهيل للمصنف (84 / أ) والتذييل (2/ 1170)، والتنبيهات (ص 220)، واللسان: «لوى»، والديوان (2/ 1021) (أبو صالح).