كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فأشار باللفظي إلى قصد الإيجاز كقوله تعالى: وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ (¬1)، وإلى موافقة المسبوق السابق كقول بعض الفصحاء: من طابت سريرته حمدت سيرته، وإلى إصلاح النظم كقول الأعشى:
1255 - علّقتها عرضا وعلّقت رجلا ... غيري وعلّق أخرى ذلك الرّجل (¬2)
وكقول عنترة:
1256 - وإذا شربت فإنّني مستهلك ... مالي وعرضي وافر لم يكلم (¬3)
وأشار بالمعنوي إلى كون الفاعل معلوما كقوله تعالى: وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (¬4)، وكقوله تعالى: ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ (¬5) ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«نصرت بالرّعب مسيرة شهر» (¬6)، «ونصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدّبور» (¬7)، وإلى كونه مجهولا كقول الرجل: نبئت بكذا إذا لم يعرف من نبأه، ومنه ما يرد من قول بعض الرواة: روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «كيت وكيت» وإلى كونه لا يتعلق، ويتعقبه مراد المتكلم كقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (¬8)، وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها (¬9)، إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا (¬10)، ومنه قول الشاعر: -
¬__________
- وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 534).
(¬1) سورة الحج: 60.
(¬2) البيت من البسيط وهو في التذييل (2/ 1182)، والعيني (2/ 504)، وأوضح المسالك (1/ 142)، والتصريح (1/ 286)، وحاشية الخضري (1/ 167)، وديوان الأعشى (ص 43).
والشاهد قوله: «علقتها ... وعلقت ... وعلق»؛ حيث بنى الفعل «علق» في المواضع الثلاثة للمفعول وحذف الفاعل لأجل إصلاح النظم.
(¬3) البيت من الكامل وهو في التذييل (2/ 1182) برواية «فإذا» مكان «إذا» وهي موافقة لرواية الديوان، وانظر أيضا: الهمع (1/ 162)، والدرر (1/ 143)، وديوان عنترة (ص 122) طبعة بيروت.
والشاهد قوله: «لم يكلم»؛ حيث حذف الفاعل لغرض لفظي وهو إصلاح النظم كما بين الشارح.
(¬4) سورة النساء: 28.
(¬5) سورة الحج: 73.
(¬6) حديث شريف أخرجه البخاري في باب التيمم.
(¬7) حديث شريف أخرجه البخاري في باب الاستسقاء.
(¬8) سورة البقرة: 196.
(¬9) سورة النساء: 86.
(¬10) سورة المجادلة: 11.
الصفحة 1614