كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)
[جواز نيابة أي المفعولين]
قال ابن مالك: (ولا تمنع نيابة غير الأوّل من المفعولات مطلقا إن أمن اللّبس، ولم يكن جملة أو شبهها خلافا لمن أطلق المنع في باب: ظنّ وأعلم).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على المصدر بحروفه، وعلى الزمان بصيغته، ودلالة الحروف أوضح من دلالة الصيغة؛ فيكون ظرف الزمان مقدما في الإقامة مقام الفاعل على المصدر.
قال ناظر الجيش: قال المصنف (¬1): لا خلاف في جواز نيابة ثاني المفعولين من باب «أعطى» إذا أمن اللبس نحو: أعطيت زيدا درهما، ولا في منعها إذا خيف اللبس نحو: أعطيت زيدا عمرا، فيجوز في المثال الأول أن يقال: أعطي درهم زيدا؛ لأن اللبس فيه مأمون، ولا يجوز في المثال الثاني أن يقال: أعطي عمرو زيدا؛ لأن عمرا مأخوذ فيتوهم كونه آخذا، ومنع الأكثرون نيابة ثاني المفعولين من باب «ظن»، «وأعلم» (¬2)، والصحيح جواز ذلك إن أمن اللبس ولم يكن ثاني المفعولين جملة ولا ظرفا ولا جارّا ومجرورا (¬3)، وذلك مثل قولنا: ظننت الشمس بازغة: ظنّت بازغة الشمس، وفي علمت قمر الليلة بدرا: علم بدر قمر الليلة، وفي جعل الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر: جعل خير من ألف شهر ليلة القدر، وفي اتخذ الناس مقام إبراهيم موضع صلاة: اتّخذ موضع صلاة مقام إبراهيم، فيجوز هذا وأمثاله، كما يجوز: أعطي درهم زيدا، وأدخل القبر الميّت، وكسيت الجبة عمرا؛ لأن المعنى مفهوم واللبس مأمون، وإذا كان أمن اللبس مسوغا لجعل الفاعل مفعولا والمفعول فاعلا في كلام واحد نحو: خرق الثوب المسمار، ونحو:
1270 - بلغت سوآتهم هجر (¬4)
-
¬__________
(¬1) انظر: شرح التسهيل لابن مالك (2/ 129).
(¬2) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 538)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 33)، وشرح المكودي على الألفية (ص 79)، وأوضح المسالك (1/ 146)، واللمع لابن جني (ص 117)، والتوطئة (ص 249).
(¬3) ينظر: التصريح (1/ 292)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 34).
(¬4) جزء بيت من البسيط، والبيت بتمامه:
مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت ... نجران أو بلغت سوآتهم هجر
والبيت للأخطل وهو في: المحتسب (2/ 118)، وجمل الزجاجي (ص 211)، وشرح أبيات الجمل -