كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالفعل وليس بفاعل، ولا شبيه به (¬1)، ولا نائب عنه؛ فمنصوب لفظا إن لم يدخل عليه حرف جر ومحلّا إن دخل عليه، وأمثلة ذلك بينة فلا حاجة إلى الإطالة بذكرها.
وقد يحملهم ظهور المعنى والعلم بأن السامع لا يجهل المراد على الإتيان في جملة واحدة بفاعل منصوب ومفعول مرفوع كقولهم: خرق الثوب المسمار (¬2)، وكقول الشاعر:
1273 - مثل القنافد هدّاجون قد بلغت ... نجران أو بلغت سوآتهم هجر (¬3)
فرفع «هجر» ونصب «السوآت» وهي البالغة و «هجر» مبلوغة، كما رفع الثوب وهو المخروق ونصب المسمار وهو الخارق، ومن هذا القبيل قول الراجز:
1274 - إنّ سراجا لكريم مفخره ... تحلى به العين إذا ما تحقره (¬4)
وحقه أن يقول: تحلى بالعين، وقد حمل بعض النحويين على هذا قوله تعالى:
ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ (¬5) حكى ذلك الفراء ورجح كون الباء معدية (¬6)، كما هي في قوله تعالى: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ (¬7)، وكما هي في قول الشاعر:
1275 - ديار الّتي كادت ونحن على مني ... تحلّ بنا لولا نجاء الرّكائب (¬8)
هذا آخر كلام المصنف (¬9)، ولكن ثمّ أمور ينبّه عليها: -
¬__________
(¬1) كاسم «كان وأخواتها» فإنهم يقولون: «إنها رفعت المبتدأ تشبيها بالفاعل ونصبت الخبر تشبيها بالمفعول به. وهذا على رأي البصريين والفراء من الكوفيين. أما جمهور الكوفيين ما عدا الفراء فإنهم يرون أن المرفوع بعد «كان» إنما هو مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخولها وليس لها عمل فيه».
ينظر: التصريح (1/ 184)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 385).
(¬2) سبق شرحه.
(¬3) تقدم ذكره.
(¬4) الرجز مجهول القائل في: معاني القرآن للفراء (1/ 99، 131)، (2/ 310)، (3/ 273)، والتذييل (2/ 1237)، واللسان «نوأ - حلا» وأمالي المرتضى (1/ 216).
والشاهد قوله: «تحلى به العين»؛ حيث جرّ الفاعل بالباء ورفع الاسم الذي كان مجرورا على أنه فاعل وأصل الكلام «يحلّى بالعين».
(¬5) سورة القصص: 76.
(¬6) ينظر: معاني القرآن للفراء (1/ 15)، (2/ 310).
(¬7) سورة البقرة: 17.
(¬8) البيت من بحر الطويل وهو لقيس بن الخطيم من قصيدة في الحرب بدأها بالغزل، والمعنى: كانت ديارنا تحل وتنزل بنا فنقيم عندها من حبنا لها، والمعنى على القلب، أي: نحل بها، وهو الشاهد، والبيت في شرح التسهيل (2/ 133)، وشرح الجمل (1/ 494)، والإيضاح لأبي علي (ص 152)، وديوان قيس (ص 31) تحقيق السامرائي ومطلوب.
(¬9) شرح التسهيل للمصنف (2/ 132، 133).

الصفحة 1644