كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولم ينتظم لي قوله: لا يجوز إلا الضم (¬1) عند الجمهور مع قوله: إن ذلك لغة لقوم من العرب، ثم الأمر في المسألتين قريب.
5 - ومنها: أن المغاربة لما ذكروا أن المفعول قد يرفع والفاعل قد ينصب تعرضوا إلى ذكر المذاهب في قلب الإعراب إذا فهم المعنى، وذكروا أن المذاهب فيه ثلاثة:
أحدها: أن ذلك جائز في الكلام والشعر اتساعا.
الثاني: أن ذلك لا يجوز إلا ضرورة.
الثالث: أن ذلك لا يجوز إلا للضرورة وتضمين الكلام معنى يصح معه القلب فمعنى «أو بلغت سوءاتهم هجر»: أو حملت سوءاتهم هجر؛ لأنه إذا بلغت السوءات هجر فقد حملتها هجر.
والذي صححوه أن القلب لا يجوز إلا في الضرورة، وأنه إن ورد في الكلام كان سببه التضمين (¬2)، وأصحاب علم المعاني ذكروا في القلب مذاهب ثلاثة أيضا (¬3).
ففصل (¬4) في الثالث بين أن يتضمن القلب معنى لطيفا فيجوز أو لا فلا يجوز، ونقل الشيخ عن البسيط: الجواز إذا كان المعنى مفهوما نحو: خرق الثوب المسمار وكسر الزجاج الحجر (¬5)، وهذا الذي نقله موافق لما ذكره المصنف قبل، وقد يجوز رفعهما أو نصبهما معا؛ لفهم المعنى، فالأول نحو قول الشاعر:
1276 - إنّ من صاد عقعقا لمشوم ... كيف من صاد عقعقان وبوم (¬6)
-
¬__________
(¬1) في (أ، ب): (لا يجوز الضم) والصواب ما أثبته بدليل أنه أوردها قبل ذلك وفيها (إلا).
(¬2) ينظر: التذييل (2/ 1238) فقد ذكر فيه هذه المذاهب الثلاثة وينظر: المغني (2/ 699).
(¬3) هذه المذاهب هي: الجواز مطلقا وهو رأي السكاكي والمنع مطلقا وهو رأي غيره والثالث ما ذكره الشارح هنا وهو إن تضمّن اعتبارا لطيفا يجوز وإن لم يتضمن لا يجوز. ينظر: مفتاح العلوم للسكاكي (ص 113)، وشرح السعد للتفتازاني (1/ 157).
(¬4) في (ب): (يفصل).
(¬5) التذييل (2/ 1241).
(¬6) البيت من الخفيف لقائل مجهول وهو في: التذييل (2/ 1241)، والمغني (2/ 699)، والهمع (1/ 165)، والدرر (1/ 144)، وحاشية الشيخ محيي الدين الأشموني (2/ 235)، وشرح شواهد المغني (2/ 976).
اللغة: عقعق: طائر يشبه الغراب، مشوم: مشئوم.
والشاهد قوله: «من صاد عقعقان وبوم»؛ حيث رفع المفعول وهو «عقعقان» وكذا المعطوف عليه وهو «بوم» وذلك لظهور المعنى فقد عرف أنهما مصيدان.

الصفحة 1646