كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واحد (¬1)، ولم يلتزم الكسائي ذلك؛ لأن الاقتران بإلّا يدل على المعنى، والتوسع عند وضوح المعنى أولى من التضييق مع أحد الاستعمالين، واعتبر ابن الأنباري تأخر المقرون بإلّا لفظا أو تقديرا، فأجاز تقديمه إذا لم يكن مرفوعا؛ لأنه وإن تقدم لفظا مؤخر معنى، ولم يجز تقديمه إذا كان مرفوعا، لأنه إذا تقدم لفظا مقدم معنى، فلزم من تقديمه فوات تأخر المحصور لفظا وتقديرا، وذلك غير جائز (¬2)، ويؤيد ما ذهب إليه أبو بكر قول الشاعر:
1278 - تزوّدت من ليلى بتكليم ساعة ... فما زاد إلّا ضعف ما بي كلامها (¬3)
ومثله في مفعول ما لم يسم فاعله قول زهير:
1279 - وهل ينبت الخطيّ إلّا وشيجه ... وتغرس إلّا في منابتها النّخل (¬4)
ومما يجب فيه الخروج عن الأصل أن يكون المرفوع ظاهرا والمنصوب ضمير غير محصور نحو: أكرمك زيد، والثوب كسيه زيد (¬5)، فلو قصد حصر المنصوب تأخر؛ وتقدم المرفوع نحو: ما أكرم زيد إلا إياك، والثوب ما كسي زيد إلا إياه، فلو قصد تقدم المنصوب على الفعل اهتماما به لقيل: إياك أكرم زيد، والثوب إياه كسي زيد. -
¬__________
(¬1) ينظر: نتائج الفكر (ص 175).
(¬2) ينظر: البهجة المرضية (ص 49)، والهمع (1/ 161).
(¬3) البيت من الطويل وهو لمجنون ليلى وهو في: التذييل (2/ 1248)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 87)، والعيني (2/ 482)، والتصريح (1/ 282)، والأشموني (2/ 57)، والبهجة المرضية (ص 49)، والهمع (1/ 161)، والدرر (1/ 143، 195)، وأوضح المسالك (1/ 139)، وشرح ابن عقيل (1/ 166)، وشرح شواهده (ص 107) وقد جاء في ديوان ذي الرمة بيتا يشبه هذا البيت في عجزه فقط (ص 637) وهو:
تداويت من ميّ بتكليمة لها ... فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها
وليس في ديوان المجنون.
والشاهد قوله: «فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها»؛ حيث قدم المفعول المحصور بإلا على الفاعل.
(¬4) البيت من الطويل وهو في: التذييل (2/ 1248)، وأوضح المسالك (1/ 139)، والعيني (2/ 482)، والتصريح (1/ 282)، وديوانه (ص 115).
اللغة: الخطي: الرمح المنسوب إلى الخط وهي جزيرة بالبحرين، وشيجه: جمع وشيجة وهي عروق شجر الرماح.
والشاهد قوله: «وتغرس إلا في منابتها النخل»؛ حيث قدم الجار والمجرور المحصور بإلا وهو بمثابة المفعول على نائب الفاعل وهو بمثابة الفاعل.
(¬5) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 163)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 18).

الصفحة 1649