كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يليها معمول فعل مقدر بعده مفسر بمشغول، كقراءة بعض السلف (¬1): وأما ثمود فهدينهم (¬2) ولم يل «إذا» فعل ظاهر ولا معمول فعل، إنما يليها أبدا في النثر والنظم مبتدأ وخبر منطوق بهما، أو مبتدأ محذوف الخبر، فمن أولاها غير ذلك فقد خالف كلام العرب فلا يلتفت إليه وإن كان سيبويه.
وقولي: وجب نصب السابق (¬3)، أي: إذا انتصب الضمير أو ملابسه على الوجه المذكور، وعدمت موانع نصب صاحب الضمير وجب نصبه إن كان بعد ما يختص بالفعل نحو: إن زيدا ضربته عقل، أو كان بعد استفهام بغير الهمزة نحو:
هل مرادك نلته فالنصب في هذين وشبههما واجب، ولا يجب مع الهمزة بل يكون مختارا نحو: أزيدا لقيته (¬4). ثم نبهت على أن ناصب السابق عامل لا يظهر موافق للعامل المشتغل لفظا ومعنى إن أمكن وإلا فمقارب له في المعنى، فالموافق كقولنا في أزيدا ضربته: أضربت زيدا ضربته، والمقارب كقولنا في أزيدا مررت به، وأعمرا كلمت أخاه: أجاوزت زيدا مررت به، وألابست عمرا كلمت أخاه (¬5).
وقلت: بعامل؛ لأعمّ الفعل وشبهه نحو: أزيدا أنت ضاربه، التقدير: أضارب زيدا أنت ضاربه، وإن كان الفعل المشتغل مطاوع جاز أن يضمر ويرفع به السابق كقول لبيد:
1290 - فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب ... لعلّك تهديك القرون الأوائل (¬6)
-
¬__________
(¬1) في الإتحاف (ص 381): «(وأما ثمود) بفتح الدال بلا تنوين وافقه المطوعي هنا خاصة بخلفه، وعنه أيضا الرفع والتنوين وافقه الشنبوذي فيه، والجمهور على ضم الدال بلا تنوين على الابتداء والجملة بعده خبره وهو متعين عند الجمهور؛ لأن «أمّا» لا يليها الابتداء فلا يجوز فيه الاشتغال إلا على قلة» اه.
وينظر: الكشاف (2/ 329)، وإملاء ما منّ به الرحمن (2/ 221).
(¬2) سورة فصلت: 17.
(¬3) شرح التسهيل لابن مالك (2/ 140).
(¬4) ينظر: أوضح المسالك (1/ 150، 152)، والتصريح (1/ 297).
(¬5) ما ذكره المصنف هنا في نصب الاسم السابق هو مذهب الجمهور وأما مذهب الكوفيين فهو أن هذا الاسم السابق منصوب بالفعل المذكور بعده على خلاف بينهم، هل هذا الفعل عامل في الاسم والضمير معا، أو أنه عامل في الاسم المظهر والضمير ملغى؟.
ينظر: شرح ابن عقيل (1/ 173، 174)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 38)، والتصريح (1/ 297).
(¬6) البيت من الطويل وهو في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 373) طبعة العراق، والتذييل (3/ 19، 20، 57)، والارتشاف (ص 806)، وأمالي المرتضي (1/ 119)، وأمالي السهيلي (ص 43)،