كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأوّل: أن يجاب به استفهام بمفعول ما يليه، أو بمضاف إليه مفعول ما يليه؛ فالأول كقولك: زيدا ضربته؛ في جواب من قال: أيّهم ضربت؟، أو: من ضربت؟، والثاني: كقولك: ثوب زيد لبسته؛ في جواب من قال: ثوب أيّهم لبست؟ (¬1)، فلو كان الاسم المستفهم غير مفعول نحو: أيّهم ضربته؟ فالجواب: زيد ضربته؛ بالرفع عند سبيويه، ولا يجيز النصب إلا على حد: زيدا ضربته؛ غير جواب (¬2)، ونقل الشيخ:
أن الأخفش يجوز النصب على حد ما يجوز في العطف في الجملة ذات الوجهين (¬3).
واعلم أنهم أجروا ما ليس جوابا لاسم استفهام مجرى ما هو جواب له، فإذا قيل: هل رأيت زيدا؟ قيل: لا، ولكن عبد الله لقيته؛ قالوا: فهذا في حكم الجواب، وإن لم يكن هو المسئول عنه؛ لكنه لما كان جوابا في الجملة جرى مجرى الأول، وكذا لو عطفت فقلت: لا، بل عمرو لقيته، أو نعم، عمرا لقيته (¬4).
ولم يظهر لي تقييد قوله: استفهام بمفعول، بقوله: ما يليه، ولا عرفت ما فائدته، ولا عن أي شيء احترز به، ويظهر أنه لو اقتصر على قوله: استفهام بمفعول كان كافيا، فإن ذلك يخرج الاستفهام بغير مفعول، كالاستفهام بمبتدأ كما تقدم.
الثاني: أن يلي الاسم السابق فعل ذو طلب، وهو فعل: أمر، أو نهي، أو دعاء؛ كقولك: زيدا ذره، وعمرا لا تقربه، وذنوبنا اللهمّ اغفرها، وكذا إذا كان الأمر لغير مخاطب نحو: زيدا ليضربه عمرو، فإن لام الأمر ليست من حروف الصدر، فجائز لما بعدها أن يفسر عاملا فيما قبلها، ولو كان الأمر بصيغة الخبر كان الحكم كذلك نحو: الأولاد يرضعهن الوالدات، وكذا: زيدا رحمه الله، وزيدا يعذبه الله (¬5).
وأما قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا (¬6)، وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا (¬7)؛ -
¬__________
(¬1) ينظر: شرح الألفية للمرادي (2/ 43).
(¬2) ينظر: الكتاب (1/ 93).
(¬3) ينظر: التذييل (3/ 22) وقد رد ابن عصفور ما جوزه الأخفش في هذه المسألة فقال: «وهذا الذي ذهب إليه أبو الحسن ليس بشيء؛ لأن القياس يرد عليه؛ لأن الاستفهام لا يتقدمه أداة تشبه الجزاء كما كان كذلك في: أزيدا ضربته؟» اه. شرح الجمل (1/ 369).
(¬4) ينظر: التصريح (1/ 303) ففيه تفصيل لهذه المسألة.
(¬5) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 364)، والتوطئة (ص 183، 184)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 92) وأوضح المسالك (1/ 150)، وابن يعيش (2/ 37).
(¬6) سورة النور: 2.
(¬7) سورة المائدة: 38.

الصفحة 1680