كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (36) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ (¬1)، وقال تعالى: فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ (¬2) التقدير: وأغرقنا قوم نوح وأضل فريقا، ومنه قول الربيع (¬3):
1304 - أصبحت لا أملك السّلاح ولا ... أملك رأس البعير إن نفرا
والذئب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرّياح والمطرا (¬4)
وقول الآخر وهو امرؤ القيس:
1305 - وأضحى يسحّ الماء من كلّ فيقة ... يكبّ على الأذقان دوح الكنهبل
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ... ولا أطما إلّا مشيدا بجندل (¬5)
فـ «تيماء» كالذئب في قول الربيع غير أن المقدر في لفظ الربيع لفظ المفسر، والمقدر في قول امرئ القيس من معناه أي: «خرب تيماء؛ لأنه إذا لم يترك بها جذع نخلة ولا أطما فقد خربها وهدمها.
قال المصنف: وليس الغرض في ترجيح نصب ما بعد العاطف إلا تعادل اللفظ ظاهرا، ولولا ذلك لم يرجح بعد «حتى»؛ لأنها لا يعطف بها جملة بل مفرد على كل، فإذا قلت: ضربت القوم حتى زيدا ضربت أخاه؛ فـ «حتى» حرف ابتداء، ولكن لما وليها في اللفظ بعض ما قبلها أشبهت العاطف فأعطي تاليها ما يعطى تالي -
¬__________
(¬1) سورة الفرقان: 36، 37.
(¬2) سورة الأعراف: 30.
(¬3) هو الربيع بن ضبع الفزاري، من المعمرين؛ فقيل: إنه نيّف على مائتي عام. ينظر: جمهرة أنساب العرب (ص 255).
(¬4) البيتان من المنسرح وهما في: الكتاب (1/ 89، 90)، ونوادر أبي زيد (ص 446)، وجمل الزجاجي (ص 52)، والحلل في شرح أبيات الجمل لابن السيد (ص 37، 42)، وابن يعيش (7/ 105) البيت الأول فقط، والتصريح (2/ 36)، والعيني (3/ 397)، والهمع (2/ 50)، والدرر (2/ 60) البيت الثاني فقط.
والشاهد قوله: «والذئب أخشاه»؛ حيث نصب «الذئب» بفعل مقدر يماثل الفعل المفسر، والتقدير:
أخشى الذئب.
(¬5) البيتان من الطويل وهما في: التذييل (3/ 29)، والبيت الأول في المنصف (3/ 20)، وديوان امرئ القيس (ص 24، 25).
اللغة: الفيقة: ما بين الحلبتين. الكنهبل: ما عظم من شجر العضاة. الدوحة: الكثير الورق والأغصان.
تيماء: موضع. أطم: البيت المسطح.
والشاهد في قوله: «وتيماء» كالذي قبله. غير أن الفعل المقدر هنا من معنى الفعل المفسر وليس من لفظه.

الصفحة 1684