كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)
[مسألتان اختلف فيهما النحاة أيهما أرجح]
قال ابن مالك: (وابتداء المسبوق باستفهام أولى من نصبه إن ولي فصلا بغير ظرف أو شبهه خلافا للأخفش، وكذا ابتداء المتلوّ بلم أو لن أو لا خلافا لابن السّيّد).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (¬1): إن حال بين الاستفهام وبين الاسم المشتغل عنه اسم آخر، نحو: أأنت زيد ضربته؟ بطل حكم الاستفهام عند سيبويه؛ لبعده من الفعل (¬2)، ولم يبطل عند الأخفش؛ لوجود الاستفهام في أول الكلام، والفعل في آخره، فيرفع «أنت» بـ «ضربت» مقدرا وينصب به «زيدا» (¬3) ويرى هذا أولى من جعل «أنت» مبتدأ أول، و «زيدا» مبتدأ ثانيا خبره ما بعده، وهو وخبره خبر الأول، وهذا عند سيبويه أولى من الوجه الأول؛ فلو كان الحائل ظرفا أو شبهه اتفقا على ترجيح النصب؛ لأن الفصل [2/ 291] بهما مفتقر في مواضع كثيرة (¬4)، وزعم أبو محمد بن السيد أن نصب الاسم قبل النفي بلم أو لن أو لا راجح على الرفع (¬5)، وليس بصحيح، لأن تقدم الاسم على فعل منفي بغير «ما» كتقدمه على فعل مثبت؛ فإنهما متقابلان الأمر والنهي، فكما يستوي المتقدم على فعل الأمر والنهي، كذلك يستوي المتقدم على فعلي الإثبات والنفي بغير «ما»، فلو كان النفي بـ «ما» لم يجز النصب، لأنها من بين حروف النفي مخصوصة بالتصدير (¬6). انتهى.
وأقول: هاتان المسألتان المذكورتان، ليس هذا موضع ذكرهما؛ أما الأولى: فكان الواجب أن تذكر في قسم ما ترجح نصبه على رفعه عند قوله: (أو ولي هو همزة استفهام) (¬7)؛ لأنها متفرعة عنها، وأما الثانية: فالواجب أن تذكر في قسم ما ترجح رفعه على نصبه (¬8)، وستذكر لأنها من فروعه؛ لأنها على رأيه عدمت المانع والموجب -
¬__________
(¬1) شرح التسهيل (2/ 144).
(¬2) ينظر: الكتاب (1/ 104).
(¬3) ينظر: التصريح (1/ 300)، وشرح الرضي على الكافية (1/ 168)، والهمع (2/ 113).
(¬4) في الكتاب (1/ 104، 105): «فإن قلت: أكلّ يوم زيدا تضربه، فهو نصب كقولك: أزيدا تضربه كل يوم؛ لأن الظرف لا يفصل في قولك: ما اليوم زيد ذاهبا، وإن اليوم عمرا منطلق؛ فلا يحجزها هنا، كما لا يحجز ثمة» اه.
(¬5) ينظر: إصلاح الخلل (ص 132) تحقيق د/ حمزة النشرتي.
(¬6) شرح التسهيل للمصنف (2/ 145).
(¬7)،
(¬8) سبق شرحه.