كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فعل، ولا يقتضيه؛ فوجوده وعدمه سيان (¬1). انتهى.
ولو ذكر هاهنا المسألة المتقدمة التي خالف فيها ابن السيد فكان بعد ذكره خلاف الكسائي يقول: وخلافا لابن السيد في المتلو بلم أو لن أو لا لكان أولى كما تقدم التنبيه على ذلك (¬2)؛ وإنما رجح الرفع عند عدم المانع والموجوب والمرجح والمستوي؛ لأن النصب محوج إلى تكلف إضمار عامل؛ فكان الرفع راجحا لعدم تكلف الإضمار، ولكن النصب عربي كثير (¬3) كما قال سيبويه (¬4)، ومع كونه مرجوحا، هو في بعض الصور أقوى منه في البعض، فـ «زيدا ضربته» أقوى من «زيدا ضربت أخاه»، و «زيدا ضربت أخاه»، أقوى من «زيدا مررت به»، و «زيدا مررت به» أقوى من «زيدا مررت بأخيه». ذكر هذا أبو الحسن بن عصفور، وابن أبي الربيع أيضا وهو حسن، وتعليله ظاهر (¬5)، لكن المصنف لم يتعرض إلى ذلك في شيء من كتبه، ثم إن ابن عصفور قال: فإن قيل: فهلّا أجزتم في الاسم إذا عمل في ضميره أو في سببه جر الخفض كما كان منصوبا إذا عمل فيه النصب؟ فالجواب: أنه لو خفضت، فقلت: زيد مررت به، على تقدير: مررت بزيد مررت به؛ لأدى ذلك إلى إضمار الخافض، وإبقاء عمله مع أنه أضعف [2/ 294] العوامل، وهذا لا يجوز، فإن قيل: فهلا قيل: بزيد مررت به، ولم تضمر الخافض؟ فالجواب: أن الخافض قد ينزل من الفعل منزلة الجزء منه؛ لأنه به يصل إلى معموله كما يصل بهمزة النقل. -
¬__________
(¬1) شرح التسهيل للمصنف (2/ 145).
(¬2) ينظر: (ص 558) وما بعدها، حيث أورد المصنف هذه المسألة.
(¬3) أنشد ابن الشجري في أماليه (1/ 187) على جواز النصب قول الشاعر:
فارسا ما غادروه ملحما ... غير ذي ميل ولا تكسي وكل
وقال: «الرواية نصب «فارس» بمضمر يفسره الظاهر، و «ما» صلة، والمفسر من لفظ المفسر؛ لأن المفسر متعد بنفسه إلى ضمير المنصوب - ويجوز رفع فارس بالابتداء، والجملة التي هي «غادروه» وصف له «غير ذي ميل» خبره» اه. وينظر: الأشموني (2/ 82)، والتوطئة (ص 185).
(¬4) ينظر: الكتاب (1/ 82، 83)، وفيه: «فالنصب عربي كثير، والرفع أجود» اه.
(¬5) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 361) طبعة العراق.