كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا يقال: متعدّ، ويطلق القول إلا للمتعدي إلى المفعول به، وما لا يتعدى إلى المفعول به فهو لازم، ولا يقال له: متعدّ إلا بالتّقييد، فيقال: متعدّ إلى المفعول المطلق، أو المفعول فيه، أو متعدّ بحرف جر (¬1)، ولما كان الفارق بين الفعلين إنما هو المفعول به؛ أجاز المصنف معرفة كل منهما على ذلك، فقال: (إن اقتضى فعل مصوغا له باطراد اسم مفعول تام نصبه مفعولا به، وسمي [2/ 310] متعديا وواقعا، ومجاوزا، وإلا فلازما) (¬2)، يعني إن اقتضى فعل اسما؛ يصاغ لذلك الاسم من مادّة ذلك الفعل اسم مفعول تام نصب الفعل ذلك الاسم مفعولا به، وكان ذلك الفعل متعديا، وواقعا، ومجاوزا، وإن لم يكن كذلك؛ بأن لا يقتضي الفعل ذلك الاسم المقيد بما ذكر؛ وذلك بأن لا يصاغ من مادته اسم مفعول أصلا، كقام زيد، وجلس عمرو، أو يصاغ منها اسم مفعول غير تام، نحو: جلس زيد في الدار، ومرّ زيد بعمرو؛ إذ يصح أن يقال: الدار مجلوس فيها، وعمرو ممرور به؛ كان ذلك الفعل لازما (¬3)، ويقال له: قاصر أيضا، واحترز بقوله: باطراد، من شيء وهو أن يكون الفعل يتعدى بحرف الجر، فيحذف ذلك الحرف للضرورة مثلا، نحو قول القائل:
1306 - تمرّون الدّيار ولم تعوجوا (¬4)
-
¬__________
(¬1) في التوطئة للشلوبين (ص 160): «والمتعدي ما نصب مفعولا به، أو اقتضاه بواسطة، إلا أن ما نصب مفعولا به، يقال فيه: متعد مطلقا، وما
اقتضاه بواسطة، لا يقال فيه: متعد مطلقا؛ وإنما يقال فيه: مقيدا، فيقال: متعدّ بحرف جر» اه.
(¬2) ينظر: التسهيل (ص 83).
(¬3) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 299) طبعة العراق، وأوضح المسالك (1/ 156، 157).
(¬4) صدر بيت من الوافر، وقائله جرير، وعجزه:
كلامكم عليّ إذا حرام
وهو في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 306)، والمقرب (1/ 115)، والتذييل (3/ 62)، والغرة لابن الدّهان (2/ 10)، والارتشاف (936) والتوطئة (ص 161) والكامل (1/ 33)، وابن يعيش (8/ 7)، (9/ 103)، والبحر المحيط (7/ 79)، وتعليق الفرائد (1406)، والكافي شرح الهادي (ص 403)، وما يجوز للشاعر (ص 102، 103)، والمغني (1/ 102)، (2/ 473)، وشرح شواهده للسيوطي (1/ 311)، والخزانة (3/ 671)، والعيني (2/ 560)، والهمع (2/ 83)، والبهجة المرضية (ص 55)، والدرر (2/ 107)، وشرح ابن عقيل (1/ 180)، وشرح شواهده (ص 113)، وديوانه (ص 512).
والشاهد قوله: «تمرون الديار»؛ حيث حذف حرف الجر للضرورة، وهو إما الباء، والأصل: تمرون بالديار، وإما «على»، والأصل: تمرون على الديار.