كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القليل (¬1) وقد يستشهد لمذهب الخليل والكسائي بما أنشده الأخفش من قول الشاعر (¬2):
1309 - وما زرت ليلى أن تكون حبيبة ... إليّ ولا دين بها أنا طالبه (¬3)
انتهى (¬4).
ومما يرجح به مذهب [2/ 314] سيبويه: أن الأصل والأكثر أنه إذا حذف حرف -
¬__________
(¬1) اعترض صاحب التصريح على ما ذهب إليه ابن مالك في هذه المسألة، وما نسبه إلى الخليل وسيبويه، فقال: «وما ذهب إليه الموضح من أن محل أنّ وأن نصب بعد الحذف، هو مذهب الخليل، وأما سيبويه فقال بعد ما أورد أمثلة من الحذف: ولو قال قائل، إن الموضع جر لكان قولا قويّا، وله نظائر نحو قولهم: لاه أبوك، ثم نقل النصب عن الخليل، فظهر بهذا أن ما نقله ابن مالك تبعا لابن العلج، من أن الخليل يقول بالجر سهو» اه التصريح (1/ 313)، وما ذكره صاحب التصريح هذا هو الحق؛ حيث إن سيبويه صرح في كتابه بأن القول بالنصب هو مذهب الخليل، فقال: «وسألت الخليل عن قوله جل ذكره: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ، فقال: إنما هو على حذف اللام، كأنه قال:
ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون، وقال: نظيرها لِإِيلافِ قُرَيْشٍ؛ لأنه إنما هو لذلك (فليعبدوا)؛ فإن حذفت اللام من «أن» فهو نصب، كما أنك لو حذفت اللام من (لإيلف) كان نصبا، هذا قول الخليل، إلى أن قال: ولو قال إنسان: إنّ «أن» في موضع جر في هذه الأشياء؛ ولكنه حرف كثر استعماله في كلامهم، فجاز فيه حذف الجار؛ لكان قولا قويّا، وله نظائر نحو قوله:
لاه أبوه، والأول قول الخليل» اه الكتاب (3/ 126 - 128)، وينظر: حاشية الصبان (2/ 92).
وأقول: مما يلفت النظر في هذه المسألة أن كثيرا من النحويين ساروا على ما ذهب إليه ابن مالك فنسبوا القول بالجر إلى الخليل، والقول بالنصب إلى سيبويه. ينظر: شرح الكافية للرضي (2/ 273)، والهمع (2/ 81)، والبهجة المرضية (ص 55).
وقد أورد الصبان في حاشيته على شرح الأشموني (2/ 92) تصحيحا لما نسب إلى الخليل، وسيبويه، فقال: قوله: «مذهب الخليل إلخ» كذا في البسيط، والتسهيل؛ لكن قال شيخنا وغيره: الصواب ذكر سيبويه مكان الخليل، والخليل مكان سيبويه كما في المغني والتصريح» اه، وينظر المغني (2/ 526) فقد ورد فيه رأي ابن مالك فقال: «وأما نقل جماعة منهم ابن مالك أن الخليل يرى أن الموضع جر؛ وأن سيبويه يرى أنه نصب فسهو» اه.
(¬2) هو الفرزدق والبيت من قصيدة يمدح فيها المطلب بن عبد الله المخزومي.
(¬3) البيت من الطويل وهو في: الكتاب (3/ 29)، والإنصاف (1/ 395)، والتذييل (3/ 71)، والأمالي الشجرية (1/ 418)، والمغني (2/ 526)، وشرح شواهده للسيوطي (2/ 585)، وتعليق الفرائد (ص 1414)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 97)، والأشموني (2/ 92، 235)، والهمع (2/ 81)، والبهجة المرضية (ص 55)، والدرر (2/ 105)، وحاشية الخضري (1/ 180)، وديوانه (ص 93). ويروى البيت أيضا برواية «سلمى» مكان «ليلى»، كما في الكتاب.
والشاهد قوله: «أن تكون حبيبة»؛ حيث حذف الحرف، فاستدل به من ذهب إلى أنه في موضع جر؛ وذلك لأنه قد عطف عليه قوله: «ولا دين» بالجر.
(¬4) شرح التسهيل للمصنف (2/ 150).