كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أحدهما بنفسه أبدا وإلى الآخر بوجهين، نحو: اختار وأمر، تقول: كسوت زيدا ثوبا، وأعطيته درهما؛ فلا يحتاج إلى حرف جر، ولا يجوز ذلك أن تأتي به، وتقول: اخترت زيدا قومه، وأمرته الخير، واخترته من قومه وأمرته بالخير. ومأخذ هذا النوع السماع (¬1) والأصل تقديم المفعول الذي هو فاعل معنى على المفعول الذي ليس كذلك، كزيد من مسألة: أعطيت زيدا درهما؛ فإنه مفعول في اللفظ فاعل في المعنى؛ لكونه آخذ أو متناولا، بخلاف الدرهم؛ فإنه مفعول في اللفظ والمعنى، فأصله أن يتأخر وأصل الآخر أن يقدم (¬2)، وكذا الأصل تقديم ما هو يتعدى إليه الفعل بنفسه أبدا، وتأخير ما يتعدى إليه بوجهين؛ لأن علقه ما لا يحتاج إلى واسطة أقوى من علقه ما يحتاج إليها؛ فلذلك يقال: أعطيت درهمه زيدا، واخترت قومه عمرا، ولا يقال: أعطيت صاحبه الدرهم (¬3)، ولا: اخترت أحدهم القوم، إلا على قول من قال: ضرب غلامه زيدا (¬4)، ومثال: وجوب ترك الأصل:
ما أعطيت درهما إلا زيدا (¬5)، وأعطيت الدرهم صاحبه (¬6)، وهما نظيرا:
ما ضرب عمرا إلا زيد، وضرب زيدا غلامه، ومثال امتناع ترك الأصل:
ما أعطيت زيدا إلا (¬7) درهما، وأضربت زيدا عمرا (¬8)؛ بمعنى جعلت زيدا يضرب عمرا، وهذان نظيرا: ما ضرب زيد إلا عمرا، وضرب موسى عيسى، وما خلا من -
¬__________
(¬1) ينظر: الكتاب (1/ 37 - 39)، ونتائج الفكر للسهيلي (ص 330)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 304، 305) طبعة العراق، والمقرب (1/ 121).
(¬2) ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص 97)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 55)، والبهجة المرضية (ص 56)، وأوضح المسالك (1/ 160)، والمطالع السعيدة (ص 271).
(¬3) وذلك لعود الضمير على مؤخر لفظا ورتبة، وينظر: التصريح (1/ 314).
(¬4) في الهمع (1/ 168): «ومما يفرع على الأصل أيضا امتناع أعطيت مالكه الغلام؛ لعود الضمير على مؤخر لفظا ورتبة؛ لأن المالك هو الآخذ، فهو نظير: ضرب غلامه زيدا، والكوفيون جوزوا ذلك على تقدير تناول الفعل للغلام أولا، فالأول عندهم هو الذي يقدر الفعل آخذا له
قبل صاحبه» اه.
وينظر: التصريح (1/ 314).
(¬5) لأن المفعول الأول محصور بإلّا، فوجب تأخيره.
(¬6) وجب ترك الأصل في هذا المثال، فقدم المفعول الثاني على المفعول الأول، ليعود الضمير على متقدم، ينظر: المطالع السعيدة (ص 271)، والهمع (1/ 168).
(¬7) العلة في وجوب الأصل هنا، حصر المفعول الثاني بإلّا.
(¬8) يجب الأصل في هذا المثال؛ لأنه ليس هناك قرينة تبين الفاعل من المفعول.