كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشواذ: هو مني مقعد القابلة ومعقد الإزار، ومناط الثريا ونحو ذلك؛ لأن العامل ليس أصلا للفعل ولا شريكا له في الرجوع إلى أصل واحد (¬1)، وأما الأول والثاني والثالث فظرفيتها غير مقيدة بعامل دون عامل، فيقال: سرت ميلا وعدوت فرسخا وسرت بريدا وجلست يمين الكعبة وأمام زيد وعند خالد ومع محمد وتلقاء بشر ونحو ذلك، ومن العلماء من حكم باطراد ما دل على بعد أو قرب من نحو: هو مني بمنزلة الشغاف (¬2)، ونحو قول الشاعر (¬3): -
1573 - وإنّ بني حرب كما قد علمتم ... مناط الثّريّا قد تعلّت نجومها (¬4)
على تقدير مكان موصوف مثل مضاف إلى شغاف ومناط، ثم فعل ما فعل بضربته ضرب الأمير اللص من حذف الموصوف وصفته وإقامة الثالث مقامها، وهذا تقدير لائق ولكن القياس على نوعه لا يتجه لقلة نظائره ومغايرة لفظ باقية للفظ محذوفة بخلاف ضربته ضرب الأمير اللص؛ فإن نظائره كثيرة ولفظ باقية مماثل للفظ محذوفة، ولكون هذا النوع مقصورا على السماع، قال سيبويه: وليس يجوز هذا في كل شيء، لو قلت: هو مني مجلسك ومتّكأ زيد ومربط الفرس لم يجز (¬5) -
¬__________
(¬1) ينظر: شرح الألفية لابن الناظم (ص 108)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 92)، وشرح الكافية للرضي (1/ 185)، واللباب في علل البناء والإعراب للعكبري (ص 217)، والمثالان الأولان وهما قوله: هو منّي مقعد القابلة ومعقد الإزار كناية عن القرب، والمثال الثالث وهو قوله: هو مني مناط الثريا كناية عن البعد.
(¬2) في علل البناء والإعراب للعكبري (ص 217): «فأما قولهم: هو منّي مناط الثريا، مزجر الكلب، إذا أرادوا البعد، ومقعد القابلة ومعقد الإزار إذا أرادوا القرب ففيه وجهان: -
أحدهما: أن الأصل فيها أن تستعمل بفي، لكنهم حذفوها تخفيفا كما قالوا: أمرتك الخير.
والثاني: أن هذه الأمكنة لما أريد بها المبالغة ولم يقصد بها أمكنة محدودة صارت كالأمكنة المبهمة» اه.
والشغاف هو غلاف القلب.
(¬3) هو الأحوص كما في الكتاب، أو عبد الرحمن بن حسان بن ثابت كما في الأمالي الشجرية.
(¬4) البيت من الطويل وهو في: الكتاب (1/ 413)، وشرح أبياته للسيرافي (1/ 306)، والمقتضب (4/ 343)، وأمالي الشجري (2/ 254)، والغرة لابن الدهان (2/ 58)، وكشف المشكل لحيدرة اليمني (ص 310)، وشرح التسهيل للمصنف، وشرح التسهيل للمرادي، والتذييل (3/ 393)، والأزمنة والأمكنة (1/ 307)، والظروف المفردة والمركبة (ص 92).
والشاهد فيه: نصب «مناط الثريا» على الظرف.
(¬5) الكتاب (1/ 414).

الصفحة 1988