كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ

1594 - فأقسم بالله الّذي اهتزّ عرشه ... على فوق سبع لا أعلّمه بطلا (¬1)
وهذا نادر، ومن الظروف العادمة التصرف «عند» (¬2) ولا تستعمل إلا مضافة، ولا يفارقها النصب على الظرفية إلا مجرورة «بمن» وهي لبيان كون مظروفها حاضرا حسّا أو معنى (¬3)، وقد اجتمع الحضور الحسي والمعنوي
في قوله تعالى:
قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي (¬4)، ومثال القرب الحسي: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (14) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (¬5)، ومثال القرب المعنوي: وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (¬6)، ورَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ (¬7). ومن القرب المعنوي قول الرجل: عندي مائة يريد أنه مالكها، وإن كان موضعها بعيدا، ومنه قوله تعالى: ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ (¬8). وقد يكون مظروفها معنى فيراد بها الزمان كقوله عليه الصلاة والسّلام: «إنّما الصّبر عند الصّدمة الأولى» (¬9) وكسر عينها هو المشهور، ومن العرب من يفتحها ومنهم من يضمها. ويرادفها لدى في قول سيبويه وهو الصحيح (¬10) لا قول من زعم أنها بمعنى «لدن» (¬11)؛ لأن «لدن» مخصوصة بما هو مبتدأ غاية بخلاف «لدى» فإنه يراد بها ما يراد «بعند» كقوله تعالى:
وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (¬12)، فهذا موضع صالح «لعند» و «للدن» غير صالح، وكذا قوله -
¬__________
(¬1) البيت من الطويل وهو في شرح التسهيل للمصنف (2/ 334)، ومنهج السالك لأبي حيان (153)، والتذييل (3/ 406)، وشرح التسهيل للمرادي، والهمع (1/ 210)، والدرر (1/ 178).
والشاهد فيه: جر «فوق» بعلى وهو نادر.
(¬2) انظر: شرح التسهيل (2/ 234).
(¬3) ينظر: المطالع السعيدة (316).
(¬4) سورة النمل: 40.
(¬5) سورة النجم: 13 - 15.
(¬6) سورة ص: 47.
(¬7) سورة التحريم: 11.
(¬8) سورة النحل: 96.
(¬9) حديث شريف أخرجه البخاري في كتاب الجنائز (2/ 83)، ومسلم في كتاب الجنائز أيضا (637)، وابن حنبل (3/ 130، 143)، وابن ماجه في كتاب الجنائز (1/ 509).
(¬10) ينظر: الكتاب: (3/ 286)، والمغني: (1/ 156)، وشرح الرضي: (2/ 124).
(¬11) بهذا قال الأشموني حيث صرح بذلك في أحد تنبيهاته، فقال: «لدن بمعنى عند». الأشموني بحاشية الصبان: (2/ 264).
(¬12) سورة آل عمران: 44.

الصفحة 2006