كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تعالى: وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ (¬1) [فلدى وعند] يصلحان في موضع «لدن»، و «لدن» لا تصلح في مواضعهما إلا فيما هو مبدأ غاية، ولذلك اجتمعت عند ولدن في قوله تعالى: آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (¬2). وبنيت «لدن» في أكثر اللغات لشبهها بالحرف في لزوم استعمال واحد، وامتناع الإخبار بها وعنها بخلاف «عند» و «لدى» فإنهما لا يلزمان استعمالا واحدا، فإنهما يكونان لابتداء الغاية ولغير ذلك، ويستعملان فضلة وعمدة (¬3) فاستعمالهما فضلة كثير واستعمالهما عمدة كقوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ (¬4)، وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ (¬5)، وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ (¬6)، وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (¬7)، ولكون موضع لدن صالحا «لعند» شبهتها قيس بها فأعربتها (¬8) وبلغتهم قرأ أبو بكر (¬9) عن عاصم (¬10) لينذر بأسا شديدا من لدنه (¬11) إلا أنه سكن النون وأشمها ضمّا (¬12)، والأصل من لدنه، ويقال: [2/ 462] في النصب على هذه اللغة لدنه ولدنه، ويمكن أن يكون من هذه -
¬__________
(¬1) سورة يوسف: 25.
(¬2) سورة الكهف: 65.
(¬3) ينظر: شرح الرضي على الكافية (2/ 132)، وشرح الدماميني على المغني (1/ 308)، وحاشية الأمير على المغني (1/ 135، 136)، والمطالع السعيدة (317، 318)، والإيضاح للزجاجي (139، 140)، وشرح الألفية لابن الناظم (155).
(¬4) سورة الأنعام: 59.
(¬5) سورة الزخرف: 85.
(¬6) سورة المؤمنون: 62.
(¬7) سورة ق: 35.
(¬8) ينظر: التذييل (3/ 417)، وشرح الرضي (2/ 123).
(¬9) هو شعبة بن عياش بن سالم الكوفي راوى عاصم، توفي سنة 193 هـ، سبقت ترجمته.
(¬10) هو عاصم بن بهدلة شيخ القراء بالكوفة وأحد القراء السبعة، أخذ عن زر بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمى وأبي عمرو الشيباني، وروى عنه أبان بن ثعلب وأبان بن يزيد العطار وإسماعيل بن مجاهد، وغيرهم. توفي سنة 128 وقيل: 127 وقيل: 120 هـ. غاية النهاية (1/ 346، 349)، ووفيات الأعيان (2/ 224).
(¬11) سورة الكهف: 2.
(¬12) القراءة الواردة عن أبي بكر عن عاصم في هذه الآية هي بإسكان الدال مع إشمامها الضم وكسر النون والهاء، وليس بإسكان النون وإشمامها الضم كما ذكر المصنف هنا. الإتحاف (228)، وشرح طيبة النشر (335)، وتحبير التيسير (134)، وفي إملاء ما من به الرحمن (2/ 98) يقول العكبري:
(من لدنه) يقرأ بفتح اللام وضم الدال وسكون النون وهي لغة، ويقرأ بفتح اللام وضم الدال وكسر النون، ومنهم من يختلس ضمة الدال، ومنهم من يختلس كسرة النون. اه. وينظر: الكشاف (1/ 466) وقد أورد ابن خالويه هذه القراءات في كتابه الحجة (221)، وذكر في كتابه البديع في شواذ القراءات قراءة شاذة وهي «لدنه» بضم اللام وإسكان الدال وكسر النون وبها قرأ أبو حيوة. البديع (78).

الصفحة 2007