كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضرورة؛ فإنه بعد أن ذكر وسطا الساكن السين وأنه ظرف [2/ 467] قال: فإن أخرجوه عن الظرفية فتحوا السين فقالوا: وسط الدار أحر، ولا يجوز تسكينها إذ ذاك إلا في ضرورة نحو قول الفرزدق: -
1610 - أتته بمجلوم كأنّ جبينه ... صلاءة ورس وسطها قد تفلّقا (¬1)
وقول عدي بن زيد:
1611 - وسطه كاليراع ...... ... ......... البيت
قال: فاستعمل «وسط» في حال إخراجه عن الظرفية، وجعله مرفوعا بالابتداء ساكن السين لما اضطروا إلى ذلك (¬2). انتهى.
وما قاله ابن عصفور أظهر مما قاله المصنف، ثم اعلم أن الفراء (ومن تبعه) (¬3) من الكوفيين قالوا: إنّ «وسط» إذا كانت ظرفا، وكانت بمعنى «بين» كانت ساكنة السين، وإذا لم تكن بمعناها كانت مفتوحة السين، فأجازوا أن يقال: احتجم زيد وسط رأسه بفتح السين، وإن كانت ظرفا [3/ 2] لأنها ليست بمعنى «بين» إذ لا يقال: احتجم بين رأسه، والبصريون لا يجيزون في مثل هذا المثال إلا إسكان السين؛ لأن الكلمة ظرف، ولا يفرقون بين ما يصلح فيه «بين» وما ليس كذلك (¬4). فعلى هذا قول الشاعر أنشده الفراء: -
¬__________
(¬1) البيت من الطويل وهو في: نوادر أبي زيد (453)، والتذييل (3/ 402، 403)، والخصائص (2/ 369)، وأمالي الشجري (2/ 258)، وشرح التسهيل للمرادي، والخزانة (1/ 478)، والهمع (1/ 201)، والدرر (1/ 169)، وشرح الجمل لابن الضائع (ق 35)، وديوان الفرزدق (596)، واللسان «وسط»، وشرح الرضي (1/ 189).
اللغة: المجلوم: هو المحلوق. الصلاءة: مدق الطيب. الورس: نبت أصفر.
والشاهد فيه: وقوع «وسط» مبتدأ.
(¬2) ينظر: شرح الجمل لابن الضائع (ق 35)، حيث أورد رأي ابن عصفور مفصلا، وينظر: المقرب (1/ 151)، ففيه إشارة إلى هذا الرأي.
(¬3) في (جـ): (ومن معه).
(¬4) ينظر: فصيح ثعلب (ص 68)، والتذييل (3/ 403)، والهمع (1/ 201)، وحاشية الصبان (2/ 131)، وابن يعيش (2/ 128)، وشرح الجمل لابن الضائع (ق 35).

الصفحة 2018