كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والأخفش لا يجيز هذا، قال: ولا أقول: ضحكت وطلوع الشمس حتى لا يصح فيه العطف؛ إذ الطلوع لا يكون منه ضحك، وأجاز جاء البرد والطيالسة؛ لأن المجيء يصح منهما، وقد استدل على أن أصلها العطف بثلاثة أمور:
الأول: أنها لو لم تكن العاطفة لكانت مختصة وللزم خفضه بها، فلما لم يخفض دل على أنها حرف عطف في الأصل، فروعي ذلك الأصل.
الثاني: امتناع تقديم ما بعدها على الفعل كما لا يتقدم المعطوف على الفعل، ولو لم يكن أصلها العطف لتقدم كما يتقدم سائر المفعولات.
الثالث: أنه لا يجوز أن تستعمل إلا حيث يجوز فيه العطف حقيقة، نحو: جاء البرد والطيالسة، وما صنعت وأباك، أو مجازا نحو: سار زيد والنيل؛ لأنه يصح فيه العطف بطريق المجاز، وذلك أنه لا يفارق زيدا في حال سيره كما لا يفارقه من سايره، وهذا بخلاف: ضحكت وطلوع الشمس؛ إذ لا يصح إسناد هذا الفعل إلى طلوع الشمس لا حقيقة ولا مجازا (¬1)، ومقتضى كلامهم واستدلالهم أنه لابد من تصور صحة العطف في جميع صور مسائل هذا الباب، [3/ 12] إما بطريق الحقيقة وإما بطريق المجاز، حتى غلطوا الزجاجي في دعواه أنه لا يجوز في: استوى الماء والخشبة إلا النصب (¬2)، وقالوا: العطف جائز بطريق المجاز لكنه ضعيف (¬3)، وحتى إنهم قالوا في:
1640 - فكان وإيّاها كحرّان (¬4)
إن المراد كحران والماء لأنه لا يشبه اثنان بواحد، وعلى هذا يصح العطف؛ إذ يصير التقدير: فكان هو وهي كحران والماء، وقالوا في: «أنت أعلم ومالك»: لما كان النظر في المال يلزم منه في الأكثر مجيء المال على اختيار الناظر فيه صار موافقا -
¬__________
(¬1) التذييل (3/ 452، 453).
(¬2) في شرح الجمل لابن عصفور (2/ 367) «وأما منع أبي القاسم الرفع في: استوى الماء والخشبة ففاسد، وكأن الذي حمله على ذلك أنه لا يسوغ: استوى الماء واستوت الخشبة وهذا لا حجة فيه، لأنه وإن لم يسغ ذلك فيه فلا يمتنع العطف كما لم يمتنع اختصم زيد وعمرو بالرفع وإن لم يسغ: واختصم عمرو». اه. وانظر كلام الزجاجي في كتابه الجمل (ص 317) تحقيق د/ علي توفيق محمد.
(¬3) هذا قول ابن الضائع في شرح الجمل له.
(¬4) تقدم ذكره.