كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ

1674 - مشق الهواجر لحمهنّ مع السّرى ... حتّى [3/ 26] ذهبن كلا كلا وصدورا (¬1)
أراد مزّقت الهواجر والسرى لحمهن، فأقام «مع» مقام الواو (¬2). انتهى.
ولم يظهر لي كون «مع» يكون ما بعدها بمنزلة المعطوف بالواو في هذا البيت إذ لا يمنع أن يكون الشاعر أراد: مزقت الهواجر لحمهن مصحوبة بالسرى أي مضمومة إليه، وكأن المصنف يقول: لا مصاحبة بينهما؛ لأن الهواجر تكون نهارا، والسرى يكون ليلا، والجواب: أن المصاحبة بينهما في التمزيق، وعلى هذا يكون الإفراد لازما كما هو رأي ابن كيسان، ولا يشكل على ذلك إلا قولهم: كنت أنا وزيدا كالأخوين إن ثبت أنه من كلام العرب وتقوم الحجة به على ابن كيسان، قال الشيخ: وإجراء مع مجرى الواو العاطفة فيراعى مجرورها مراعاة المعطوف فيه خلاف، أجاز الكسائي وهشام: عبد الله مع جاريته قاعدان، على أن «مع» محمولة على الواو والتقدير: عبد الله وجاريته قاعدان، ومنعه الفراء، وأجاز الكسائي وأصحابه: اختصم زيد مع عمرو بمعنى اختصم زيد وعمرو، ولم يجزه الفراء أيضا، قال: والمختار هو مذهب الفراء (¬3)، قال: ويجوز الفصل بين الواو العاطفة وبين معطوفها بالظرف فتقول: قام زيد واليوم عمرو، ولا يجوز ذلك في الواو التي بمعنى «مع» لا بظرف ولا بغيره؛ لأنها صارت بمنزلة «مع» و «مع» لا يفصل بينها وبين مجرورها (¬4).
الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وحسبنا الله ونعم الوكيل. -
¬__________
(¬1) البيت من الكامل وهو لجرير من قصيدة يهجو بها الأخطل وهو في الكتاب: (1/ 162)، والتذييل (3/ 487)، والغرة لابن الدهان (2/ 90)، والبحر المحيط (7/ 301)، والعيني (3/ 144)، واللسان «كلكل».
اللغة: مشق: من المشق وهو السرعة في الطعن والضرب. الهواجر: جمع هاجرة وهي وقت اشتداد الحر في وقت الظهيرة. السرى: السير ليلا. الكلاكل: الصدور والمراد بها هنا أعلاها.
والشاهد فيه: وقوع «مع» موقع واو العطف.
(¬2) شرح التسهيل للمصنف (2/ 263).
(¬3) في: التذييل (3/ 488)، (والذي نختاره مذهب الكسائي).
(¬4) التذييل (3/ 488).

الصفحة 2100