كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ

1676 - حراجيج ما تنفكّ إلّا مناخة ... ... (¬1)
أي: ما تنفكّ مناخة، و (إلّا) زائدة، كلّ هذا قول ابن جنّي فـ (إلا) - في هذه المواضع - غير مخرجة شيئا. انتهى.
وهذا الاحتراز الذي أشار إليه مستغنى عنه؛ إذ لا إخراج في شيء من ذلك، إلا في التي بمعنى (غير) وقد قال - في شرح الكافية -: ولا حاجة للاحتراز من (إلّا) التي أصلها (إن لا) (¬2)، كقوله تعالى: إِلَّا تَفْعَلُوهُ (¬3) ولا من التي بمعنى (غير) كقوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (¬4)؛ لأن السابق إلى ذهن السامع - على ذكر (إلّا) - معنى الاستثناء، فأغنى ذلك عن الاحتراز، ولا سيّما، وقد تقدّم ذكر (تخرج).
قال الشّيخ: أما احترازه من (إلا) بمعنى (غير) فكان ينبغي أن يقيّد (غير) بالصّفة؛ لأنّ (غير) يكون استثناء ويكون صفة (¬5). وأمّا قوله: والّتي بمعنى الواو فلا تكون (إلّا) كذلك في مذهب المحققين (¬6)، والذي [3/ 27] استدلّ به مؤول بالاستثناء المنقطع. وأما قوله: والتي بمعنى (إن لم) فليست توجد (إلا) البسيطة التركيب بمعنى (إن لم)، بحال، والتي في الآية الكريمة إِلَّا تَفْعَلُوهُ هي (إن الشرطية)، و (لا النافية) (¬7)، ولم يتركّبا، بل كلّ منهما باق على موضوعه، وأما -
¬__________
(¬1) هذا صدر بيت من الطويل، عجزه:
... ... على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا
اللغة: حراجيج جمع حرجوج، وهي الناقة الضامرة، أو الطويلة، الخسف: النقصان.
والشاهد فيه - هنا -: زيادة (إلا) لأن (تنفك) نفيها إيجاب. ينظر: ديوان ذي الرمة (ص 173) طبعة دمشق، ومعاني القرآن للفراء (3/ 1281)، والمحتسب لابن جني (1/ 329)، وشرح المفصل لابن يعيش (7/ 106).
(¬2) ينظر شرح الكافية، لابن مالك (2/ 700) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي. مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى.
(¬3) سورة الأنفال: 73.
(¬4) سورة الأنبياء: 22.
(¬5) مثال الأول: حضر الطلاب غير محمد، ومثال الثاني: حضر رجل غير محمد.
(¬6) يقصد البصريين، حيث يمنعون مجيء (إلّا) بمعنى الواو، والذي ذهب إليه ابن مالك من كونها تجيء بهذا المعنى هو مذهب الكوفيين،
ينظر الإنصاف (ص 155 - 158).
(¬7) ومثل ذلك قوله تعالى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ [التوبة: 40]، وقوله تعالى: إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ ... [التوبة: 39].

الصفحة 2111