كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أرى لهذا العقد مبطلا إلا فعل كذا فهذا استثناء منقطع بجملة. وجعل ابن خروف من هذا القبيل (¬1) قوله تعالى: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ (¬2) على أن يكون مَنْ (¬3) مبتدأ، و (يعذبه الله) خبرا وجعل الفراء من هذا قراءة بعض السّلف (¬4): فشربوا منه إلا قليل منهم (¬5). على تقدير: إلّا قليل منهم لم يشربوا (¬6).
وقال المصنّف (¬7): ومن هذا النوع (¬8) قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما للشيطان من سلاح أبلغ في الصّالحين من النّساء إلا المزوّجون أولئك المطهّرون المبرؤون من الخنا» (¬9).
ويمكن أن يكون من هذا قراءة ابن كثير وأبي عمرو: إلا امرأتك إنه مصيبها مآ أصابهم (¬10) فهي مبتدأ وما بعدها الخبر. وبهذا التوجيه يكون الاستثناء في النّصب والرفع من: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ (¬11) وهو أولى من أن يستثنى المنصوب من (أهلك) والمرفوع من (أحد.)
ومنها: (إن لفلان مالا إلا أنه شقيّ) و (ما زاد إلا ما نقص) و (ما نفع إلا ما ضرّ) و (لا تكوننّ من فلان في شيء، إلا سلاما بسلام) وهي من أمثلة سيبويه (¬12) ومن أمثلة غيره: جاء الصالحون إلا الطالحين، وجاء زيد إلا عمرا، وما في الأرض أخبث منه إلا أباه، فالمستثنى في هذه الأمثلة مخرج تقديرا فكأنك قلت: عدم -
¬__________
(¬1) كون (إلا) بمعنى (لكن).
(¬2) سورة الغاشية: 22، 23، 24.
(¬3) ينظر الاستغناء في أحكام الاستثناء (ص 493، 494).
(¬4) ينظر: البحر المحيط: (2/ 265، 267).
(¬5) سورة البقرة: 249.
(¬6) أي على تقدير (إلا) بمعنى (لكن) وما بعدها مبتدأ وخبر.
(¬7) شرح المصنف (2/ 266) تحقيق د/ عبد الرحمن السيد، ود/ محمد بدوي المختون.
(¬8) كون (إلا) بمعنى (لكن) وما بعدها مبتدأ وخبر.
(¬9) أخرجه أحمد بن حنبل (5/ 164) والخنا: الفحش والمعنى: لكن المزوجون هم المطهرون.
(¬10) سورة هود: 81، وهي قراءة الأعمش وابن مسعود وغيرهما.
(¬11) سورة هود: 81، فـ (امرأتك) بالرفع بدل من (أحد) بدل بعض من كل ولم يصرح معه بضمير؛ لأن قوة تعلق المستثنى بالمستثنى منه يغني عن الضمير غالبا. ينظر: شرح التصريح على التوضيح (2/ 350)، والاستغناء في أحكام الاستثناء (ص 475، 416، 673).
(¬12) ينظر: الكتاب (2/ 319، 326)، ولتوضيح التوجيه الصحيح لهذه الأمثلة ينظر: الأصول في النحو لابن السراج (1/ 291).