كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
[الاستثناء التام وأحكامه]
قال ابن مالك: (وإن لم يترك المستثنى منه فللمستثنى بـ «إلّا» النصب مطلقا بها لا بما قبلها، معدّى بها، ولا به مستقلّا، ولا بـ «أستثني» [3/ 32] مضمرا، ولا بـ «أن» مقدرة بعدها، ولا بـ «إن» مخففة، مركبة، منها ومن «لا» و «إلا» خلافا لزاعمي ذلك، ووفاقا لسيبويه، والمبرّد والجرجانيّ).
قال ناظر الجيش: لما أنهى الكلام على الاستثناء المفرغ، شرع في الاستثناء التامّ، وهو أن يكون المستثنى منه مذكورا، وحكم المستثنى فيه النصب، سواء كان الاستثناء متصلا (¬1) أم منقطعا (¬2)، بعد كلام موجب، أو منفيّ، قدّم المستثنى على المستثنى منه، أو أخّر، ولهذا قال: مطلقا، وإن شارك النصب على الاستثناء غيره، في بعض الصّور بشروط، كما سيأتي، وقيّد الاستثناء بـ (إلا)، كما قيّد في المفرغ؛ لأن الكلام - في هذا الفصل - إنما هو فيه، وقال المصنف: نبهت بقولي: مطلقا على أن المستثنى بـ (إلّا) إذا ذكر المستثنى منه ينصب في الموجب وغيره، لكن في الموجب لا يشارك النّصب، وفي غير الموجب يشاركه البدل راجحا ومرجوحا (¬3).
قال الشّيخ: قوله: في الموجب لا يشارك النصب - ليس بصحيح؛ لأنّه يشاركه النعت على ما تبين، وقد ذكر هو ذلك (¬4).
والجواب: أنّ كلام المصنف إنّما هو في ذكر المخرج، لتقدّم ذكره، وعود الضمير عليه في قوله: وله بعد (إلا) من الإعراب إن ترك إلخ، وإن لم يترك المستثنى منه فهو قسيم لقوله: ترك، وكلاهما داخل تحت قوله: المخرج، ومعنى الاستثناء والبدل بالنسبة إلى الإخراج واحد، أما النعت فلا إخراج فيه؛ بل هو من باب آخر، وحكمه في المعنى مغاير للمقصود هنا، فكيف يصحّ قول الشيخ: لأنه يشاركه النعت؟ ثم إنّ المصنف ذكر الخلاف في الناصب للمستثنى بـ (إلا) واختار مذهبا، -
¬__________
(¬1) بعد كلام موجب: قام القوم إلا زيدا، قام إلا زيدا القوم. أو بعد كلام منفي: ما قام القوم إلا زيد، ما قام إلا زيدا القوم.
(¬2) بعد كلام موجب نحو: قام القوم إلا حمارا - قام إلا حمارا القوم. أو بعد كلام منفي نحو: ما قام القوم إلا حمارا - ما قام إلا حمارا القوم.
(¬3) شرح المصنف (2/ 271).
(¬4) التذييل والتكميل (3/ 516).