كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
راجح، أو واجب ورجحانه إنّما هو في لغة التميميين؛ لأنّ الحجازيين هم الذين يوجبون النّصب (¬1)، فعلم من هذا أنّ النّصب هو الأرجح عندهم، والبدل مرجوح. وزعم المازنيّ: أنّ إتباع المنقطع من تغليب ما يعقل على ما لا يعقل.
قال ابن خروف: وهو فاسد؛ لأنّه لا يتوهّم ذلك [محصورا] في لفظ واحد والّذي يبدل منه في هذا الباب - وليس لفظ (أحد) - أكثر من أن يحصى (¬2).
قال ابن عصفور: وزعم المازنيّ أنّ وجه البدل - أي: في المنقطع - أن يكون أطلق (الأحد) على (الأحد) وغيره؛ لأنّه لما يعقل فلمّا اجتمع مع ما لا يعقل، أطلق عليهما تغليبا (¬3) وعلى ذلك يحمل قوله:
1693 - ليس بها أنيس ... إلّا اليعافير ... (¬4).
لأن الأنيس لمن يعقل، ثمّ غلّبه وذلك فاسد؛ لأنّه لا يطرد في المنقطع ولا يسوغ له ذلك، في مثل قول الشاعر:
1694 - ليس بيني وبين قيس عتاب ... غير طعن الكلى وضرب الرقاب (¬5)
لأنّ (عتاب) لا يقع على من يعقل حتّى يقال فيه بالتغليب، وقد أبدلت (غير) المضافة إلى الطّعن والضّرب من
(عتاب)، والطعن والضّرب ليسا من العتاب.
قال الشيخ: والحكم المذكور للمستثنى المنقطع على اللّغتين ثابت إن كان الاستثناء بلفظ (إلّا) أو (غير)، وإن كان الاستثناء بأداة غير لفظ (غير، إلّا) كان حكم المستثنى حكمه إذا كان الاستثناء متّصلا (¬6)، ومن الاستثناء المنقطع بأداة غير (إلّا وغير) قول الشاعر: -
¬__________
(¬1) ينظر: التذييل والتكميل (3/ 556)، وشرح الجمل لابن عصفور (2/ 214)، وأبو عثمان المازني (ص 150).
(¬2) ينظر: التذييل والتكميل (3/ 557)، والعبارة بنصها في المساعد (1/ 563، 564).
(¬3) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (2/ 214).
(¬4) سبق تخريجه. والشاهد فيه هنا: أن (اليعافير والعيس) من الاستثناء المنقطع الذي ليس بعض الأول ولا ملابسا له.
(¬5) البيت من بحر الخفيف وهو لعمر بن الأيهم التغلبي. ينظر الكتاب (2/ 323)، والمقتضب (4/ 413)، وشرح المفصل (2/ 80).
(¬6) التذييل والتكميل (3/ 575)، والمساعد لابن عقيل (1/ 564).