كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قام إلّا زيدا أحد، أو تابع للمستثنى منه، نحو: ما مررت بأحد إلّا زيدا خير من عمرو، ولم تجز الزيادة على هذه الثلاثة لئلّا تكثر مخالفة الأصل، ويترك مقتضى الدليل، دون ضرورة؛ فلا يقال: ما ضرب إلّا زيد عمرا، ولا: ما ضرب إلّا زيدا عمرو، ولا: [ما] مرّ إلا زيد بعمرو، بل الواجب أن نؤخر المقرون بـ (إلّا) باستمرار على مقتضى الدليل المذكور، فإن ورد ما يخالف ذلك قدّر له عامل بعد «إلّا» (¬1) كقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ (¬2)، أي: أرسلناهم بالبينات، وهذا مثال تأخّر المجرور، ومثال تأخّر المنصوب قول الشاعر:
1731 - ما كفّ إلّا ماجد ضير بائس ... أمانيه منه أتيحت بلا منّ (¬3)
أي: إلّا ماجد كفّ ضير بائس (¬4)، ومثال تأخّر المرفوع قول الشاعر:
1732 - تزوّدت من ليلى بتكليم ساعة ... فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها (¬5)
ومثله قول الآخر [3/ 53]:
1733 - وهل ينبت الخطيّ إلّا وشيجه ... وتغرس إلّا في منابتها النّخل (¬6)
-
¬__________
(¬1) يفسر هذا العامل ما قبله.
(¬2) سورة النحل: 43، 44.
(¬3) لم يعين قائله، والبيت من الطويل.
الشاهد: في قوله: (ضير بائس)؛ إذ هو مفعول للفعل قبل (إلا) على مذهب الكسائي، والجمهور ينصبه يفعل محذوف، أما الفاعل وهو (ماجد) فرغ له العامل. ينظر: تعليق الفرائد (ص 800)، الهمع (1/ 230)، الدرر (1/ 695).
(¬4) وتقدير العامل في الآية الكريمة والبيت رد على الكسائي في إجازة تأخير المنصوب والمجرور كذلك المرفوع، وقد وافقه فيه ابن الأنباري.
(¬5) مجنون ليلى، كما ذكر العيني، وصاحب الدرر، ولكنه ليس في ديوانه.
الشاهد: في قوله: «كلامها»؛ حيث إنه فاعل للفعل قبل (إلّا) على مذهب الكسائي، وابن الأنباري، والجمهور يرفعه بفعل محذوف، أما غراما أو (ضعف) فهو مفعول فرغ له العامل، والبيت من الطويل.
وينظر في: العيني (2/ 481)، التصريح (1/ 282)، الهمع (1/ 161)، الدرر (1/ 143، 195).
(¬6) البيت من بحر الطويل من قصيدة لزهير بن أبي سلمى، يمدح شيبان بن خارجة.
اللغة: الخطي - بفتح الخاء، وتشديد الطاء والياء -: الرمح المنسوب إلى الخط، وهو سيف البحر عند عمان، والبحرين، والوشيج: - بفتح الواو، وكسر الشين، بعدها ياء ساكنة - فجيم من القنا:
ما ينبت في الأرض، معترضا. -