كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وانفردت (كأين) بموافقة (كم) في لزوم التصدير، فلا يعمل فيها ما قبلها بخلاف (كذا) فإنها يعمل فيها ما قبلها، وما بعدها (¬1).
وانفردت (كأيّن) - أيضا (¬2) - بأنّها قد يستفهم بها (¬3)؛ لقول أبيّ بن كعب (¬4) لعبد الله (¬5) - رضي الله تعالى عنهما -: كأيّن تقرأ سورة الأحزاب؟ أو: كأيّن تعدّ سورة الأحزاب؟
فقال عبد الله: ثلاثا وسبعين، فقال أبيّ: قطّ (¬6)، وأراد: ما كانت كذا قطّ (¬7). -
¬__________
- اللغة: النفس: مفعول (عد)، ونعمى: مفعول ثان، وهو بضم النون النعمة، وبؤس - بضم الباء الموحدة -: الشدة مثل البأساء، والجهد: بفتح الجيم: الطاقة، وبضمها: المشقة، وقيل: لا فرق بينهما، والأول أصح، ونسي: من النسيان، أو بمعنى الترك، ولطفا: تمييز، وقوله: «نسي الجهد» جملة في محل نصب، صفة (لطفا)، والمعنى: عد نفسك بالنعمة عند حصول المشقة، حالة كونك ذاكرا لطف الله، ورفقه بك، فإذا ذكرت ذلك نسيت المشقة والجهد.
والشاهد: في قوله: «كذا وكذا لطفا» على أن مميز (كذا) لا يكون إلا مفردا منصوبا، وشاهد آخر في قوله: «كذا وكذا» على أن (كذا) إذا كانت كناية عن عدد لا تستعمل إلا مكررة بالعطف.
ينظر الشاهد في: الأشباه والنظائر (4/ 155)، والهمع (1/ 256)، والأشموني (4/ 86)، والعيني (4/ 497)، وتوضيح المقاصد والمسالك للمرادي (4/ 337)، والدرر (1/ 213).
(¬1) عبارة التذييل والتكميل (4/ 406): «وتنفرد - يعني (كأين) - من (كذا) بلزوم التصدير، يعني أنّ (كأين) تلزم الصدر، بخلاف (كذا)، فإنه لا يلتزم فيه التصدير، بل يجوز أن يتقدم عليها العوامل.
(¬2) يعني: انفردت من (كذا).
(¬3) في التذييل والتكميل (4/ 408): «الذي وقفنا عليه من كلام النحويين ينص على أن (كأين) استعملت في الخبر، وهذا المصنف ذكر أنّها قد يستفهم بها». اه.
وينظر أيضا: توضيح المقاصد والمسالك (4/ 335)، والمغني (1/ 186).
(¬4) هو أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية أبو المنذر الأنصاري المدني، سيد القراء، بالاستحقاق، وأقرأ هذه الأمة على الإطلاق، قرأ على الرسول صلّى الله عليه وسلّم القرآن العظيم، وقرأ عليه نفر من الصحابة منهم: ابن عباس، وأبو هريرة توفي سنة (23 هـ).
تنظر ترجمته في: طبقات ابن سعد (2/ 103) وغاية النهاية لابن الجزري (1/ 31) برقم (131).
(¬5) هو عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل أحد العشرة المبشرين بالجنة توفي سنة (32 هـ).
(¬6) ينظر في مسند الإمام أحمد (5/ 132)، وقد ورد هكذا: «عن أبي ذر قال: قال لي أبي ابن كعب: كائن تقرأ سورة الأحزاب، أو كائن تعدها؟، قال: قلت: ثلاثا وسبعين آية، فقال:
قط. وقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة».
وينظر أيضا في إعراب الحديث النبوي للعكبري (ص 8) برقم (8)، وشرح الرضي (2/ 94)، والمغني (1/ 186) والأشموني (4/ 85). والشاهد هنا: استعمال (كائن) للاستفهام.
(¬7) ينظر: شرح المصنف (2/ 423)، والتذييل والتكميل (4/ 408) وقد عقب على ذلك الشيخ -