كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقد قال الشيخ: القياس يقتضيه، كما كان ذلك في (كم) (¬1). وأما كونها مجرورة بحرف، أو بإضافة إليها، فالظاهر جواز ذلك، كما أنّه جائز في (كم) ولا تخرج بالإضافة إليها عن التصدير، ولا بدخول حرف الجرّ عليها، قال: وقد أجاز ابن قتيبة (¬2)، وتبعه ابن عصفور دخول حرف الجرّ عليها (¬3). انتهى.
وأقول: إن كان امتناع ذلك؛ لأجل لزومها التصدير فقد عرفت فيما تقدّم أنّ ذلك لا يخرج الكلمة عن التصدير، وإن كان امتناعه لغير هذا فذاك أمر آخر.
الخامس: يجوز الفصل بين (كأيّن) وبين تمييزها بالظرف، والمجرور، وبالجملة.
قال الشاعر:
1980 - وكائن رددنا عنكم من مدجّج ... ...
البيت وقال الفرزدق:
1981 - وكائن إليكم قاد من رأس فتنة ... جنودا وأمثال الجبال كتائبه (¬4)
وقال آخر:
1982 - وكائن حواها من رئيس سلاحه ... إلى الرّدع صخر مائل الشّقّ أبكم (¬5)
-
¬__________
(¬1) التذييل والتكميل (4/ 407).
(¬2) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، النحوي، اللغوي، الكاتب نسبة إلى الدينور من بلاد فارس لتوليه القضاء بها كان رأسا في العربية واللغة والأخبار، وأيام الناس، ثقة، متديّنا فاضلا، أقام ببغداد وسمع من الزيادي وغيره، صنف مؤلفات كثيرة منها: إعراب القرآن،
والشعر والشعراء، جامع النحو، ومشكل القرآن، ودلائل النبوة، توفي سنة (276 هـ) وقيل: (286 هـ) وقيل: (296 هـ) تنظر ترجمته في طبقات النحويين للزبيدي (ص 183)، وبغية الوعاة للسيوطي (2/ 63) برقم (1444)، (ص 151).
(¬3) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 406).
(¬4) البيت من الطويل، وهو من قصيدة للفرزدق، الشاعر المشهور يمدح هشام بن عبد الملك. ينظر ديوانه (1/ 88).
والمعنى: لقد نصركم الله بجنوده؛ لأنكم حزب الله الغالب، وكثير من رؤوس الفتنة قد هزموا رغم أنهم قادوا جنودا وكتائب كثيفة كالجبال.
والشاهد فيه: الفصل بين (كائن) وتمييزها من رأس فتنة بقوله: «إليكم قاد» وهذا جائز وينظر البيت أيضا في: التذييل والتكميل (4/ 418).
(¬5) هو للسليك بن سلكة منسوب إلى أمه، وأبوه عمرو بن يثربي بن سنان السعدي بن كعب بن سعد ابن مناة بن تميم، أحد صعاليك العرب. تنظر ترجمته في الشعر والشعراء (1/ 372). -