كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كناية عن غير عدد كانت مفردة، ومعطوفة. يقول العرب: مررت بدار كذا ونزل المطر بمكان كذا فمكان كذا، وقالت العرب: أما بمكان كذا وكذا وجذ (¬1). وهو كناية عن معرفة.
ومن وقوعه على النكرة قوله:
1988 - وأسلمنى الزّمان كذا ... فلا طرب ولا أنس (¬2)
أوقع (كذا) موقع الحال، وهي نكرة، وتقول العرب: مررت بدار (كذا) فتصف به النكرة، فدل على أنه نكرة.
وإن كانت كناية عن عدد فمذهب البصريّين أن تمييزها يكون مفردا، سواء أكانت مفردة أم معطوفة، وأريد بها عدد قليل أو كثير، فتقول: له عندي كذا درهما، وله عندي كذا وكذا درهما (¬3).
وقد نازع ابن خروف في إفرادها، إذا كانت كناية عن العدد، وزعم أنّه غير -
¬__________
- ولا تأكيد ولا بدل، ولا تتعلق الكاف بشيء، ولا تدل على تشبيه؛ لأنهما بالتركيب حدث لهما معنى لم يكن قبل ولا تلزم الصدر، ولا تكون مقصورة على إعراب خاص، بل تستعمل في موضع رفع وفي موضع نصب، وفي موضع جرّ بالإضافة، وبالحرف». اه.
انظر: الهمع (2/ 276)، وينظر: حاشية الصبان على الأشموني (4/ 86).
(¬1) في القاموس المحيط «وجذ» الوجذ: النقرة في الجبل، تمسك الماء والحوض، الجمع: وجذان، ووجاذ، بكسرهما». اه. وفي حاشية الأمير على مغني اللبيب (1/ 160): أن عربيّا قال لآخر: أما بمكة أو بالمدينة مثلا وجذ؟ فقال له الآخر: بلى، فيه وجاذ متعددة.
(¬2) البيت من مجزوء الوافر، ولم ينسب لقائل معين ولم أهتد إلى قائله.
اللغة: أسلمني: خذلني، وأسلمني الزمان كذا، أي كهذا الأسلوب، والحال التي أنا عليها، فلا طرب:
المراد بالطرب هنا الفرح، وإلا فهو من الأضداد، يطلق على الحزن والفرح، وفي حاشية الأمير (1/ 159):
«وبعضهم يقول: الطرب خفة تصيب الإنسان، تسره أو تحزنه». اه. الأنس: ضد الوحشية.
والمعنى: خذلني الزمان، فصيرني حزينا مستوحشا، لا فرح عندي ولا أنس.
والشاهد: وقوع (كذا) موقع الحال، في قوله: «وأسلمني الزمان كذا»، والحال نكرة، فدل أن (كذا) نكرة.
من مراجع الشاهد: الأشباه والنظائر (4/ 152)، والأشموني (4/ 88)، والتذييل والتكميل (4/ 425).
(¬3) يراجع مذهب البصريين في كتاب سيبويه (2/ 170، 171)، وتوضيح المقاصد والمسالك للمرادي (4/ 337)، والتذييل والتكميل (4/ 426)، والأشباه والنظائر للسيوطي (4/ 157).

الصفحة 2517