كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بين التمييز، وإظهار الفاعل (¬1) وأجاز ذلك أبو العبّاس، وقوله - في هذا - هو الصّحيح، وحامل سيبويه على المنع كون التمييز في (¬2) الأصل - مسوقا لرفع الإبهام، والإبهام إذا ظهر الفاعل زائل فلا حاجة إلى التمييز، وهذا الاعتبار يلزم منه منع التمييز في كلّ ما لا إبهام فيه كقولك: له من الدراهم عشرون درهما، ومثل هذا جائز، بلا خلاف. ومنه قوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً (¬3)، وقوله تعالى: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا (¬4)، وقوله تعالى: فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً (¬5)، وقوله تعالى: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً (¬6) فكما حكم بالجواز في مثل هذا وجعل سبب الجواز التوكيد، لا رفع الإبهام، فكذلك يفعل في نحو: «نعم الرجل رجلا» ولا يمنع؛ لأنّ تخصيصه بالمنع تحكم، بلا دليل، هذا لو لم تستعمله العرب، فكيف وقد استعملته، كقول الشاعر:
2005 - والتّغلبيّون بئس الفحل فحلهم ... فحلا وأمّهم زلّاء منطيق
ومثله:
2006 - نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت ... ردّ التّحيّة نطقا أو بإيماء (¬7)
ومثله - على الأظهر، والأبعد من التكلّف -: -
¬__________
(¬1) ينظر: الكتاب (2/ 177)، وشواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك (107)، وشرح الألفية للشاطبي (4/ 14) رسالة.
(¬2) ينظر: المقتضب (2/ 148)، وشرح الألفية للشاطبي (4/ 15) رسالة، ومنهم من أجاز ذلك، وهم: المبرد، وابن السراج، وظاهر قول الفارسي في الإيضاح وشبه ذلك المبرد، وابن السراج بقولهم:
لي من الدراهم عشرون درهما. اه.
(¬3) سورة التوبة: 36.
(¬4) سورة الأعراف: 155.
(¬5) سورة الأعراف: 142.
(¬6) سورة البقرة: 74.
(¬7) هذا البيت من البسيط، ولم ينسب لقائل معين.
اللغة: بذلت: أعطت، بإيماء: بإشارة، مصدر: أومأ إلى الشيء.
الشاهد في البيت: قوله: «نعم الفتاة فتاة»؛ حيث جمع بين الفاعل الظاهر: (الفتاة)، وبين التمييز (فتاة) للتأكيد. ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (4/ 508) والأشموني (2/ 28)، (3/ 34) والهمع (2/ 86) والدرر (2/ 112).