كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأما الفصل بين (نعم) ومفسر الضمير فقيل: لا يجوز أيضا، فلا يقال: نعم في الدار رجلا. والأصحّ الجواز، بدليل قوله تعالى: بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (¬1).
البحث الخامس:
قد عرفت أنّ الفاعل في نحو قولنا: (نعم رجلا زيد) ضمير مستتر [3/ 100] مفسر بالنكرة المذكورة، وهذا هو مذهب البصريين، وذكروا أنّ الضمير المذكور يراد به الجنس، كما يراد به إذا كان اسما ظاهرا، واستغنى بتثنية مفسره وبجمعه، عن تثنيته وجمعه (¬2). والمنقول عن الكسائيّ والفراء أنّ الاسم المرفوع بعد النكرة المنصوبة هو فاعل (نعم)، ثمّ اختلفا في النكرة المنصوبة؛ فقال الكسائيّ: إنّها حال (¬3).
وقال الفراء: إنّها تمييز، وهو عنده، من قبيل التمييز المنقول، والأصل عنده: رجل نعم الرجل زيد، فحذف الموصوف، وأقيمت صفته مقامه، فقيل: نعم الرجل زيد، ثم نقل الفعل إلى اسم الممدوح، فقيل: نعم رجلا. وأقول: إنّ مذاهب الكوفيّين مبنية على أصول لهم لا يعتبرها البصريّون، ولا يصادم قول هؤلاء، بقول هؤلاء (¬4).
ولكن قال ابن عصفور: والصحيح ما ذهب إليه البصريّون، لثلاثة أوجه:
أحدها: قول العرب: نعم رجلا كان عبد الله، فيعملون في الاسم المرفوع بعد الممكن - كان وأشباهها، من نواسخ الابتداء، ولو كان فاعلا بـ (نعم) لم يجز إعمال الناسخ فيه. -
¬__________
- اللغة: أروح: بحذف همزة الاستفهام الإنكاري، واللام - من قوله: «لبئس» -: لام الابتداء والمذموم محذوف؛ لأن المراد مفهوم، وكان أهله استعجلوه عن زيارة ليلى، حيث جاء بعده في حماسة أبي تمام، والمؤتلف والمختلف:
تراب لأهلي لا ولا نعمة لهم ... لشد إذن ما قد تعبدني أهلي
دعا على أهله؛ فقد أرادوا منه ترك ليلى وجعله عبدا لهم، كما قال التبريزي.
والشاهد: جواز الفصل بين (بئس) وفاعلها بـ (إذن).
ينظر الشاهد في حماسة أبي تمام، بمختصر شرح التبريزي (2/ 109)، والمؤتلف والمختلف (ص 90)، والهمع (2/ 85)، والدرر (2/ 111)، ومعجم شواهد العربية (1/ 302).
(¬1) سورة الكهف: 50.
(¬2) ينظر: شرح الألفية للشاطبي (4/ 11).
(¬3) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 488).
(¬4) نصب النكرة على التمييز للفاعل المضمر مذهب جمهور البصريين، والكسائي على أن النكرة منصوبة على الحال، والاسم المؤخر فاعل، والفراء على أن النكرة منصوبة على التمييز، والاسم المرفوع -