كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بشيء يسدّ مسدّه، كخبر المبتدأ بعد (لولا)، وهذا بخلاف ذلك، ولا يصحّ ما ذهب إليه ابن عصفور (¬1).
والحاصل: أنّ المخصوص بالمدح والذّمّ لا يجب أن يصرّح بذكره، ولا أن يؤخر إذا ذكر، بل الواجب أن يكون معلوما، فإن ذكر، وأخّر، فهو إمّا مبتدأ، كما مضى، وإمّا مرفوع بـ (كان) أو (وجد) أو إحدى أخواتها أو أول مفعولي (ظن) أو إحدى أخواتها، والجملة قبل الفعل في موضع نصب به، خبرا، أو مفعولا ثانيا، وإن ذكر وقدّم، والجملة واحدة، فهو مبتدأ، أو أول معمولي (كان) أو (إنّ) أو (ظنّ) أو إحدى أخواتهنّ (¬2) فمن ذلك قول الشاعر:
2019 - إذا أرسلوني عند تعذير حاجة ... أمارس فيها كنت نعم الممارس (¬3)
ومثله:
2020 - لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم ... لبئس الندامى كنتم آل أبجرا (¬4)
-
¬__________
(¬1) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 536) وقد قال ابن عصفور - في المقرب (1/ 69) -: «وإن تأخر عنه جاز فيه أن يكون مبتدأ، والجملة قبله خبره، وأن يكون خبر ابتداء مضمر، أو مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: الممدوح زيد، والمذموم زيد». اه. وذكر ابن عصفور مثل هذا في الشرح الكبير (1/ 603).
(¬2) ينظر: التذييل والتكميل (4/ 532، 533).
(¬3) هذا البيت من الطويل، وقائله يزيد بن الطثرية، بسكون الثّاء المثلثة والطثرية أمه، وأبوه سلمة بن سمرة، ينتهي نسبه إلى عامر بن صعصعة، وكان شاعرا مطبوعا، كامل الأدب: من شعراء بني أمية، مقدما عندهم، قتل سنة (126 هـ).
تنظر ترجمته في: الشعر والشعراء (ص 434) برقم (74)، والأغاني (7/ 140).
اللغة: تعذير حاجة: عند تعذرها وتعسرها، أمارس فيها: أعالجها وأحتال لقضائها.
الشاهد فيه: قوله: «كنت نعم الممارس» حيث دخلت (كان) وهي من نواسخ المبتدأ، على نعم وفاعلها، وتقدم المخصوص قبلها فالمخصوص هو اسم كان.
ينظر الشاهد في: شرح الألفية لابن الناظم (ص 184)، ومنهج السالك (ص 399)، وتوضيح المقاصد والمسالك للمرادي (3/ 102)، والهمع (2/ 88)، والأشموني (3/ 38)، والدرر (2/ 115)، والعيني (4/ 34).
(¬4) البيت من الطويل وقائله الأبيرد، كما نسبه الجوهري في الصحاح واللسان «نزف» ونسبه أبو حيان للأسود، ينظر: البحر المحيط (7/ 350).
اللغة: أنزفتم: من أنزف الشارب، إذا ذهب عقله أو شرابه من السكر، أبجرا: وهو أبجر بن جابر العجلي.
الشاهد: أنه أعمل (كنتم) في ضمير المذمومين، وجعل (لبئس الندامى) في موضع خبر (كنتم) فرفع المخصوص أول معمولي فعل ناسخ. -