كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أراد: ونعم معتمد الوسائل أنت، ومن حقّ المخصوص بالمدح، أو الذمّ أن يكونا معرفة، أو مقاربا لها بالتخصيص، نحو: نعم الفتى رجل من بني فلان، ونعم العمل طاعة، وقول معروف، ومن حقّه أيضا أن يصلح الإخبار به عن الفاعل، موصوفا بالممدوح بعد (نعم) كقولك في «نعم الرجل زيد»: الرجل الممدوح زيد، وبالمذموم بعد (بئس) كقولك في «بئس الولد العاقّ أباه»: الولد المذموم العاقّ أباه (¬1). فإن ورد ما لا يصلح جعله خبرا عن الفاعل أوّل، وقدّر بما يردّه إلى ما حقّه أن يكون عليه (¬2)، فمن ذلك قوله تعالى: بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ (¬3).
فلو حذفت بِئْسَ وأخبرت ب الَّذِينَ عن مَثَلُ الْقَوْمِ لم يجز فوجب لذلك التأويل، إمّا بجعل الَّذِينَ [3/ 103] في محلّ جرّ نعتا لـ الْقَوْمِ، وجعل المخصوص محذوفا، وإما بجعل الَّذِينَ هو المخصوص، على تقدير: بئس مثل القوم مثل الذين، ثم حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، في الرفع بالابتداء (¬4)، كما ينبغي في المخصوص، الجاري على الأصل، وإلى هذا وشبهه أشرت بقولي: فإن باينه أوّل، ثم قلت: وقد يحذف. فنبّهت على أنّ مخصوص (نعم)، و (بئس) قد يحذف، وتقام صفته مقامه، وأنّ ذلك قد يكون والصفة اسم، كقولك: نعم الصديق حليم كريم، وبئس الصاحب عزول خذول. ويكثر ذلك إذا كانت الصفة فعلا، والفاعل (ما)، كقوله تعالى: بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ (¬5)، وكقوله تعالى: وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ (¬6). ويقلّ إذا لم يكن الفاعل (ما) كقولك: نعم الصاحب تستعين به فيعينك، والتقدير: نعم الصاحب صاحب تستعين به فيعينك، ومنه قول الشّاعر: -
¬__________
- ينظر الشاهد في: ديوان الطرماح بن حكيم ص 374 تحقيق د/ عزة حسن، منشورات وزارة الثقافة (1388 هـ/ 1968 م)، والتذييل والتكميل (4/ 526)، والعيني (4/ 11).
(¬1) ينظر: شرح المصنف (2/ 141) والتذييل والتكميل (4/ 545).
(¬2) مثال ذلك قولك: بئس مثلا زيد، فإن المذموم هنا المثل، وزيد مباين. ينظر التذييل والتكميل (4/ 545).
(¬3) سورة الجمعة: 5.
(¬4) هذان التأويلان لأبي علي الفارسي، لمراجعة ذلك ينظر: الإيضاح للفارسي (1/ 87، 88) والتذييل والتكميل (4/ 546).
(¬5) سورة البقرة: 93.
(¬6) سورة البقرة: 102.

الصفحة 2568