كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإلى هذا أشرت بقولي: وتدخل عليهما (لا)، فتحصل موافقة «بئس» معنى.
ثمّ قلت: ويذكر بعدهما المخصوص بمعناهما مبتدأ مخبرا عنه بهما، أو خبر مبتدأ لا يظهر. فأشرت بذلك إلى أنّك إذا قلت: حبّذا زيد، أو نحو ذلك؛ فإنّ الواقع بعد (حبّذا) يسمّى المخصوص، وأنه مرفوع بالابتداء، وخبره (حبّذا) و (ذا) هو صاحب الخبر في المعنى، فأغنى عن العائد إغناء (ذلك) في قوله تعالى:
وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ (¬1). ويجوز كون المخصوص خبر مبتدأ مضمر كأنّه قيل - لمن قال: حبّذا - من المحبوب؟ فقال: زيد، يريد: هو زيد، والحكم عليه بالخبريّة - هنا - أسهل منه في باب (نعم)؛ لأنّ مصعبه - هناك - نشأ من دخول نواسخ الابتداء، وهي هاهنا - لا تدخل؛ لأنّ (حبّذا) جار مجرى المثل، والمثل وما جرى مجراه لا يغيران (¬2) وهذا المعنى أيضا منع - هنا - من تقديم المخصوص، فلا يقال: زيد حبذا، وقد أغفل أكثر النحويّين التنبيه على امتناع تقديم المخصوص في هذا الباب وعلى امتناع نسخ ابتدائيته. وهو من المهمات (¬3). وتنبّه ابن بابشاذ إلى
التنبيه على امتناع التقديم، ولكن جعل سبب ذلك، خوف توهّم كون المراد من «زيد حبّذا»: زيد أحبّ ذا (¬4)، وتوهّم هذا بعيد، فلا ينبغي أن يكون المنع من أجله؛ بل المنع من أجل إجراء (حبّذا) مجرى المثل، وما كان كذلك فلا يغيّر، بتقديم بعضه على بعض، ولا يغير ذلك (¬5). -
¬__________
- بظاهر صنعاء، نقم - بضمتين أو بفتحين -: جبل مطل على صنعاء اليمن، والهوى: المهوي.
والمعنى: لا محبوبة في الأشياء أنت يا صنعاء، ولا محبوب في الأشياء أيضا شعوب، ولا نقم.
والشاهد فيه: «لا حبّذا»؛ حيث دخلت عليها (لا) فساوت (بئس) في المعنى، والعمل.
ينظر الشاهد أيضا في: شرح ابن يعيش (7/ 139)، وشرح المصنف (3/ 26)، والهمع (2/ 89)، والدرر (2/ 117).
(¬1) سورة الأعراف: 26.
(¬2) ينظر: شرح المصنف (3/ 27)، والتذييل والتكميل (4/ 581).
(¬3) ينظر: شرح المصنف (3/ 27)، والتذييل والتكميل (4/ 583) والنقل فيه تصرف.
(¬4) قال ابن بابشاذ في شرح الجمل (1/ 954): «إلا أنّ المخصوص بالمدح لا يجوز تقديمه في هذا الباب، ويجوز في الأصل أن تقول: زيد حبذا، وإنما امتنع لئلا يلتبس بباب المحبة والإيثار». اه. وفي شرح التصريح (2/ 100)، وقال ابن بابشاذ: «إنما امتنع تقديم المخصوص على (حبّذا) لئلا يتوهم في (حبّ) ضميرا مرفوعا، على الفاعلية يعود على المخصوص، وأنّ (ذا) مفعول به». اه.
(¬5) ينظر: شرح المصنف (3/ 27)، والتذييل والتكميل (4/ 583). وفي النقل تصرف.