كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وضع الرجل موضع (ذا) لما فهم منه ما أرادوه من التقريب (¬1). قال: وإذا أرادوا معنى الذم أدخلوا عليها (لا) النافية؛ لأنّ نفي المدح ذمّ (¬2).
ومنها: أنّ ابن عصفور استدلّ على أنّ (حبّذا) جعل بمنزلة لفظ واحد، فكانت مبتدأ، وإن كان أصلها الفعل والفاعل (¬3) بشيئين:
أولهما: أنّ (ذا) لا تتغير بحسب المشار إليه، فكما يقال: حبذا زيد، يقال:
حبذا الزيدان، وحبذا الزيدون، وحبّذا الهندات (¬4)، وقد قال الشاعر:
2059 - وحبّذا نفحات من يمانية ... تأتيك من قبل الرّيّان أحيانا (¬5)
ثانيهما: أنّهم لا يفصلون بين (حبّ) و (ذا) بشيء، لا يقال: حبّ اليوم ذا. فدلّ هذان الأمران على أنّهم أخرجوا الجملة المركبة، من (حبّ) و (ذا) عن أصلها، وجعلوها بمنزلة لفظ واحد. انتهى.
وقد عرفت [3/ 110] ما استدلّ به المصنف على أن (حبّذا) - من قولنا:
حبّذا زيد - فعل وفاعل، لم يحصل فيهما تغيير، وكفى به، وأما ما استدلّ به ابن عصفور، فالجواب: أنّ (حبذا) جار مجرى المثل، وأنّ الأمثال وما جرى مجراها لا يغيّران، وأما قول ابن عصفور: إنّ (حبّذا) مبتدأ، مخبر عنه بما بعده، والتقدير:
المحبوب زيد، فقد تقدم نقل المصنف عن ابن خروف أنّ (حبّ) فعل، و (ذا) فاعله و (زيد) مبتدأ، وخبره (حبذا)، وأنّ ابن خروف قال: وهذا قول سيبويه، وأخطأ من زعم غير ذلك (¬6). ونصّ سيبويه هو أن قال: وزعم الخليل أنّ (حبذا) -
¬__________
(¬1) و (¬2) ينظر: شرح الجمل الصغيرة لابن عصفور، ورقة (49).
(¬3) ينظر: شرح الألفية للشاطبي (4/ 52) رسالة.
(¬4) ينظر: المقرب (1/ 70)، وشرح الألفية للشاطبي (4/ 55، 56).
(¬5) البيت من البسيط، وقائله جرير، من قصيدة في هجاء الأخطل.
اللغة: نفحات: جمع نفحة، وهي الدفعة التي تندفع من الريح، الشاهد في البيت: قوله: «حبذا نفحات»؛ حيث لزمت (ذا) الإفراد والتذكير مع أن المخصوص جمع، وهو (نفحات).
ينظر الشاهد في: ديوان جرير (1/ 165)، وشرح أبيات سيبويه لابن السيرافي (1/ 67)، واللسان «حبب»، والهمع (2/ 88)، والدرر (2/ 15)، وفي التذييل والتكميل (4/ 569) بيان الآراء في علة إفراد اسم الإشارة وتذكيره في (حبذا) وإن اختلف المخصوص بالتثنية والجمع والتأنيث.
(¬6) سبق.