كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأيضا، فإنّ قصد التعجّب بـ «ما أفعله» مجمع عليه، وكونه مشوبا باستفهام، أو ملموحا فيه الاستفهام زيادة لا دليل عليها، فلا يلتفت إليها (¬1).
وفي «أفعل» المتعجّب به، مع الإجماع (¬2) على فاعليته قولان:
أحدهما: أنّه في اللفظ أمر، وفي المعنى خبر إنشائي مسند إلى المتعجّب منه المجرور بالباء (¬3).
الثاني: أنّه أمر باستدعاء التعجّب من المخاطب، مسند إلى ضميره، وهو قول الفرّاء واستحسنه الزمخشريّ، وابن خروف (¬4) والأول هو الصحيح، لسلامته ممّا يرد على الثاني من استشكالات:
أحدها: أنّه لو كان الناطق بـ «أفعل» المذكور آمرا بالتعجّب لم يكن متعجّبا، كما لا يكون الآمر بالحلف، والنّداء، والتشبيه، حالفا، ولا مناديا، ولا مشبها، ولا خلاف في كون الناطق بـ «أفعل» المذكور متعجّبا، وإنما الخلاف في انفراد التعجّب، ومجامعة الأمريّة (¬5).
الثاني: أنّه لو كان أمرا مع الإجماع على فعليّته لزم إبراز ضميره في التأنيث، والتثنية والجمع، كما يلزم في كلّ فعل أمر، متصرفا كان أو غير متصرّف، -
¬__________
- ولم ينسب لقائل معين، وهو من أبيات سيبويه التي جهل قائلها.
اللغة: أي فتى هيجاء أنت وجارها: يريد: أي فتى حرب، وأي جار حرب أنت، والجار: الكافي لها، استقلت: نهضت.
والشاهد هنا: أي فتى هيجاء وجارها، حيث استعملت «أي» للاستفهام المتضمن تعجبا.
ينظر الشاهد في: الكتاب (2/ 55)، وشرح المصنف (3/ 33)، والتذييل والتكميل (4/ 605).
(¬1) ينظر: شرح المصنف (3/ 33).
(¬2) في التذييل والتكميل (4/ 609): (لا خلاف في فعلية «أفعل» إذ هذا الوزن لا يوجد في الأسماء إلا قليلا جدّا، نحو: أصبع، إحدى لغات
الإصبع، هكذا نقلوا، وفي كلام ابن الأنباري ما يدل على أنّ «أفعل» اسم، لا فعل) اهـ.
(¬3) ينظر: شرح المصنف (3/ 33) والتذييل والتكميل (4/ 605).
(¬4) تنظر هذه الآراء في: معاني القرآن للفراء (2/ 139)، والتذييل والتكميل (4/ 612)، والمفصل (ص 276).
(¬5) ينظر: منهج السالك (ص 371)، والتذييل والتكميل (4/ 612)، وشرح التسهيل للمرادي (189 / ب).

الصفحة 2616