كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأحق بأن يجرى مجراها، ولم يمنع ذلك من بروز فاعل الفعلين في التثنية والجمع، والتأنيث، فلو كان المذكور جاريا مجرى المثل لعومل معاملة: «اذهب» و «تسلم» (¬1).
الثالث من الإشكالات: أن «أفعل» المذكور لو كان مسندا إلى المخاطب لم يجز أن يليه ضمير المخاطب، نحو: أحسن بك؛ لأنّ في ذلك إعمال فعل واحد في ضميري فاعل ومفعول، لمسمّى واحد (¬2).
الرابع من الإشكالات: أنّ «أفعل» المشار إليه لو كان بمعنى الأمر، لا بمعنى «أفعل» تالي «ما» لوجب له من الإعلال - إذا كانت عينه ياء، أو واوا - ما وجب لـ: أبن، وأقم، ونحوهما، ولم يقل: أبين، وأقوم، فيلزم مخالفة النظائر، فإذا جعل مخالفا لـ: أبن، وأقم، ونحوهما في الأمريّة، موافقا لأبين وأقوم، من: ما أبينه، وما أقومهّ في التعجّب، سلك به سبيل الاستدلال، وأمن الشذوذ من التصحيح والإعلال (¬3)، وقد تبين بعد ما ذكرت فاعليته ما بعد «أفعل» من المجرور بالباء، وهو نظير المجرور بعد (كفى) في نحو: كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً * (¬4) إلا أنّ بينهما فرقا من وجهين:
أحدهما: أنّ الباء في: كَفى بِاللَّهِ * ونحوه قد يحذف، ويرتفع مصحوبه كقول الشاعر:
2068 - عميرة ودّع إن تجهّزت غازيا ... كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا (¬5)
-
¬__________
- السيوطي في الجامع الكبير (1/ 537)، وهذا الحديث من الأمثال، وتمثل به النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفي مجمع الأمثال للميداني (1/ 322) برقم (1732): قال المفضل: «أول من قال ذلك معاذ بن حزم الخزاعي، وكانت أمه من عك، وكان فارس خزاعة، وكان يكثر زيارة أخواله ... إلخ».
(¬1) ينظر: شرح المصنف (3/ 34)، والتذييل والتكميل (4/ 618).
(¬2) يراجع هذا الإشكال في: شرح المصنف (3/ 34)، والتذييل والتكميل (4/ 619) وتوضيح المقاصد للمرادي (3/ 57)، والهمع (2/ 9).
(¬3) ينظر: شرح المصنف (3/ 34)، والتذييل والتكميل (4/ 619).
(¬4) سورة الرعد: 43، وسورة الإسراء: 96.
(¬5) البيت من الطويل، وقائله سحيم عبد بني الحساس، الشاعر المشهور، وهو في طبقات الشعراء لابن سلام (ص 70):
... ... إن تجهّزت غاديا
وفي اللسان مادة «نهى»: -

الصفحة 2618