كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ

2071 - فأجدر مثل ذلك أن يكونا (¬1)
لاحتمال أن يكون «أجدر» فعل أمر، عاريا من التعجّب بمعنى: اجعل مثل ذلك جديرا بأن يكون، أي: حقيقا بالكون (¬2)، يقال: جدر بكذا جدارة، أي:
صار به جديرا (¬3)، وأجدرته به، أي: جعلته جديرا به، أي: حقيقا (¬4)، ويحتمل أن يكون «أجدر» فعل تعجّب، مسندا إلى «مثل ذلك»، ثم حذفت الباء اضطرارا واستحقّ مصحوبها الرفع على الفاعلية لكنه بني، لإضافته إلى مبني، كما بني في قوله تعالى: إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (¬5) على قراءة غير أبي بكر، وحمزة والكسائي (¬6).
والثاني من جهتي الفرق: أن «كفى» قد تسند إلى غير المجرور بالباء فيكون هو في موضع نصب، ولا يفعل ذلك بـ «أفعل»، أصلا، ومن المواضع التي أسند فيها «كفى» إلى غير المجرور بالباء قول الشاعر:
2072 - فكفى بنا فضلا على من غيرنا ... حبّ النّبيّ محمّد إيّانا (¬7)
ونظير ما جاء في التعجّب من لفظ الأمر مرادا به الخبر ما جاء من ذلك في جواب -
¬__________
(¬1) هذا عجز بيت من الوافر لم أهتد إلى قائله، ولم أعرف تتمته فيما قرأت من المراجع.
والشاهد فيه قوله:
«فأجدر مثل ذلك أن يكون»؛
حيث نصب «مثل» الذي كان مجرورا بعد «أجدر» ونصب على إسقاط الخافض، وهذا دليل على أنّ موضعه نصب على المفعول به.
ينظر الشاهد في: شرح التسهيل (3/ 35)، والهمع (1/ 91)، الدرر (2/ 120).
(¬2) ينظر هذا التأويل في: التذييل والتكميل (4/ 621)، ومنهج السالك (372)، وشرح التسهيل للمرادي (189 / ب) وهو بحروفه في الدرر (2/ 120، 121).
(¬3) في اللسان مادة «جدر» (5/ 189): (هو جدير بكذا، ولكذا، أي خليق له، وقد جدر جدارة) اهـ.
(¬4) لمراجعة ذلك ينظر: التذييل والتكميل (4/ 622)، وشرح المصنف (3/ 35) وتعليق الفرائد للدماميني (2/ 435).
(¬5) سورة الذاريات: 23.
(¬6) القراءة في النشر (3/ 213) وتحبير التيسير (ص 179)، والإتحاف (ص 399)، والكشاف (4/ 17)، والبحر المحيط (8/ 136، 137)، وإملاء ما من به الرحمن (2/ 244)، والبيان في غريب القرآن (2/ 391)، وفي كتاب السبعة لابن مجاهد (609): (قوله: إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر، وحفص عن عاصم: مثل مآ نصبا) اه.
وفي الحجة لابن خالويه (312): (والحجّة لمن نصب أنه بناه مع «ما» بناء: «لا رجل عندك») اهـ.
(¬7) سبق تخريج هذا الشاهد في (باب الاستثناء)، والشاهد فيه هنا قوله: «فكفى بنا حبّ النبيّ محمّد»؛ حيث أسند «كفى» إلى «حب» والجار والمجرور في موضع نصب.

الصفحة 2620