كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشرط: كقوله تعالى: قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا (¬1)، وكقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار» (¬2)، وإلى هذا النوع أشرت بقولي: (واستفيد الخبر من الأمر هنا، وفي جواب الشرط).
ثم قلت: (كما استفيد الأمر من مثبت الخبر، والنهي من منفيّه) فمثال الأوّل (¬3):
قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (¬4) ومثال الثاني: قوله تعالى:
لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها (¬5) بضمّ الراء، وهي قراءة ابن كثير، وأبي عمرو (¬6).
ثم قلت: (وربما استفيد الأمر من الاستفهام) مشيرا إلى قوله تعالى: وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ (¬7)، وقوله تعالى: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (¬8) ثمّ قلت: (ولا يتعجّب إلّا من مختصّ) (¬9) فنبهت بذلك على أنّ المتعجّب منه مخبر عنه في المعنى، فلا يكون إلا معرفة، أو نكرة مختصة، فيقال: ما أحسنك وما أكرم زيدا، وما أسعد رجلا اتقى الله، ولا يقال: ما أحسن غلاما، ولا:
ما أسعد رجلا من الناس؛ لأنه لا فائدة في ذلك (¬10)، ثمّ قلت: وإذا علم جاز حذفه، أي: إذا علم المتعجب منه، والمقصود به، جاز حذفه، معمول «أفعل» -
¬__________
(¬1) سورة مريم: 75، والأمر في الآية معناه الخبر، فهى من نظائر أفعل، كما في شرح المصنف، والتذييل والتكميل (4/ 621، 623).
(¬2) هذا الحديث أخرجه البخاري ولفظه (1/ 31) باب: إثم من كذب على النبي صلّى الله عليه وسلّم، رواه أبو هريرة: «تسمّوا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي، ومن رآني في المنام فقد رآني، فإنّ الشيطان لا يتمثل في صورتي، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده في النار».
(¬3) وضع الأمر موضع الخبر.
(¬4) سورة البقرة: 228. والمعنى: ليتربصن. ينظر: التذييل والتكميل (4/ 623)، وشرح المصنف (3/ 36).
(¬5) سورة البقرة: 223.
(¬6) في كتاب السبعة لابن مجاهد (ص 183): (فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبان عن عاصم:
(لا تضارّ والدة) رفعا) اهـ.
وفي الإتحاف (ص 158): (واختلف في لا تُضَارَّ فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وكذا يعقوب، برفع الراء مشددة؛ لأنه مضارع، لم يدخل عليه ناصب، ولا جازم، فرفع، فلا نافية، ومعناه النهي للمشاكلة، من حيث إنه عطف جملة خبرية على مثلها، من حيث اللفظ، ووافقهم ابن محيصن واليزيدي) اه.
(¬7) سورة آل عمران: 20. والمعنى: أسلموا.
(¬8) سورة المائدة: 91. والمعنى: انتهوا.
(¬9) ينظر: المرجع السابق في التعليق الأول الصفحة نفسها.
(¬10) ينظر: شرح المصنف (3/ 36)، والتذييل والتكميل (4/ 624).

الصفحة 2621