كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

كان، أو معمول «أفعل» (¬1)، فمثال حذف معمول «أفعل» قول الشاعر:
2073 - جزى الله عنّا بحتريّا ورهطه ... بني عبد عمرو، ما أعفّ وأمجدا (¬2)
أراد: ما أعفّهم، وأمجدهم، فحذف لكون المراد معلوما.
ومثال حذف معمول «أفعل» قول الآخر:
2074 - فذلك إن يلق المنيّة يلقها ... حميدا، وإن يستغن يوما فأجدر (¬3)
أراد: فأجدر به، فحذف مع كونه فاعلا؛ لأن لزومه الجرّ كساه صورة الفضلة، ولأنه كمعمول «أفعل» في المعنى، وزعم قوم أنّه ليس محذوفا، لكن استتر في الفعل، حين حذفت الباء، كما يستتر ضمير «زيد»، إذا حذفت الباء من قولك:
زيد كفى به فارسا (¬4) فتقول: زيد كفى فارسا، وهذه [3/ 114] الدعوى لا تصحّ، لأنّ صحتها تستلزم أن يبرز الضمير في التثنية والجمع، كما يبرز في «كفى» إذا قيل في الزيدان كفى بهما فارسين، و: الزيدون كفى بهم فرسانا:
الزيدان كفيا فارسين، والزيدون كفوا فرسانا (¬5)، ومعلوم أنّه لا يبرز ضمير مع -
¬__________
(¬1) أجاز ذلك الجمهور، ومنعه الفراء، يراجع ذلك في المرجع الثاني الصفحة نفسها، ومنهج السالك (ص 384، 385)، وهمع الهوامع (2/ 91).
(¬2) هذا البيت من الطويل وقائله الحصين بن القعقاع، كما في لسان العرب «بحتر» و «بختر».
والشاهد في البيت قوله: «ما أعف وأمجدا» حيث حذف المتعجب منه جوازا، للعلم به، بعد «أفعل» والتقدير: ما أعفهم، وأمجدهم.
ينظر الشاهد في: شرح المصنف (3/ 37)، ومنهج السالك (ص 372)، والتذييل والتكميل (4/ 626).
(¬3) هذا البيت من الطويل، وقائله: عروة بن الورد، الملقب بعروة الصعاليك، وكان شاعرا جوادا، من شعراء بني عبس المعدودين في الجاهلية، توفي سنة (616 م). تنظر: مقدمة ديوانه (ص 7 - 9).
والشاهد في البيت قوله: «فأجدر»؛ حيث حذف المتعجب منه بعد «أفعل» والتقدير: فأجدر به، كما ذكره.
ينظر الشاهد في: ديوانه (ص 37) ط. دار بيروت، والأصمعيات (ص 46)، وشرح المصنف (3/ 47)، والتذييل والتكميل (4/ 620)، والهمع (2/ 90)، والدرر (2/ 120).
(¬4) لمراجعة هذا الزعم، ينظر: منهج السالك (ص 373)، وشرح التسهيل للمرادي (190 / أ)، وفي التذييل والتكميل (4/ 628): (وزعم الفارسي، وقوم من النحويين أنه لم يحذف الفاعل في «أفعل» بل لما حذف حرف الجر استتر الفاعل في «أفعل». اه.
(¬5) ينظر هذا الرد في: شرح المصنف (3/ 137)، والتذييل والتكميل (4/ 628)، وهذا الرد أيضا في منهج السالك (ص 373) وزيد عليه: (وأجيب بأن الضمير استتر في الفعل، فلم يظهر، وسواء أكان ضمير جمع أو تثنية، أو مفرد؛ لأنه أجري مجرى الأمثال، وفي بقائها على صورة واحدة) اه.

الصفحة 2622