كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهو في غاية الشذوذ، فلا يقاس عليه، فيقال - في: ما أجمله وما أظرفه:
ما أجيمله، وما أظيرفه - لأنّ التصغير وصف في المعنى، والفعل لا يوصف، فلا يصغر وأجاز ابن كيسان اطراد تصغير «أفعل» (¬1) وضعف رأيه في ذلك بيّن، وخلافه متعيّن.
ولا خلاف في عدم تصرّف فعلي التعجّب (¬2)، ولا في منع إيلائهما ما لا يتعلق بهما كـ: عند الحاجة، و: معروف، من قولك: ما أنفع معطيك عند الحاجة، وما أصلح أمرك بمعروف، وأنفع بمعطيك عند الحاجة، وأصلح بأمرك بمعروف (¬3)، وكذا لا خلاف في منع إيلائهما ما يتعلّق بهما، من غير ظرف، وجارّ ومجرور، نحو: ما أحسن زيدا مقبلا وأكرم به رجلا فلو قلت: ما أحسن [3/ 116] مقبلا زيدا، وأكرم رجلا به؛ لم يجز بإجماع (¬4).
وكذا لا يجوز بإجماع تقديم المتعجب منه، نحو: زيدا ما أحسن، وبه أكرم؛ لأنّ فعلي التعجّب أشبها الحروف في منع التصرّف، فجريا مجراها في منع تقديم معمولها، فلو فصل بينهما، وبين المتعجب منه بما يتعلق بهما من ظرف أو جارّ ومجرور، لم يمتنع ولم يضعف لثبوت ذلك نثرا، ونظما، وقياسا: فمن النثر قول عمرو بن معديكرب (¬5): -
¬__________
- ديوان العرجي الشاعر (ص 183) في ذيل الديوان.
(¬1) يراجع مذهب ابن كيسان هذا في: التذييل والتكميل (4/ 640) وفيه: (وهذا الذي ذكره ابن كيسان، من اطراد تصغير «أفعل» في التعجب هو نص كلام البصريين والكوفيين، أما الكوفيون فإنهم اعتقدوا اسمية «أفعل» فهو عندهم مقيس فيه، وأما البصريون فنصوا على ذلك في كتبهم، وإن كان خارجا عن القياس) اه.
(¬2) في التذييل والتكميل (4/ 643): (وما ذكره المصنف من كونهما لا يتصرفان صحيح، لكن في «أفعل» بعد «ما» خلاف، ذهب البصريون إلى أنه يلزم فيه لفظ الماضي، لا خلاف عنهم في ذلك) اهـ.
وينظر: منهج السالك (ص 373).
(¬3) في التذييل والتكميل (4/ 643): (يعنى أنه لا يفصل بين «أفعل» ومنصوبه، ولا «أفعل» ومجروره، بشيء لا يتعلق بهما، وسبب ذلك ضعفهما؛ بكونهما لا يتصرفان، فأشبها «إنّ» وأخواتها، وقيل: لأنهما مشتبهان بالصلة، والموصول؛ لافتقار الأول إلى الثاني، من جهة المعنى، فإذا كان ثم ما يتعلق بغيرهما فلا يجوز أن يليهما) اهـ.
(¬4) في التذييل (4/ 644): (وهذا الذي ذكر أنه لا يجوز: «ما أحسن مقبلا زيدا» فيفصل بينهما بالحال بإجماع، تبعه في ذلك بدر الدين، وليس كما ذكرا، بل الخلاف في الحال موجود، ذهب الجرمى من البصريين، وهشام من الكوفيين إلى أنه يجوز الفصل بينهما بالحال) اهـ.
(¬5) هو الصحابي عمرو بن معديكرب بن عبد الله بن عمرو بن خضم الزبيدي من فرسان الجاهلية والإسلام، استشهد يوم القادسية، وقيل: (21 هـ) بعد أن شهد نهاوند، ينظر: تهذيب الأسماء واللغات (2/ 33).
وقال عمر هذا القول حينما أتى مجاشع بن مسعود بالبصرة يسأله الصلة فأعطاه، ينظر: الدرر (2/ 121).

الصفحة 2630