كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: ما أضربني لزيد، وما أنصرني لعمرو، فإن كان فعل التعجّب متعدّيا بحرف جرّ عدّي به حال التعجّب، نحو: ما أزهد زيدا في الدّنيا، وما أبعده عن الشرّ (¬1)، وما أصبره على الأذى، فإن كان فعل التعجّب متعديا إلى اثنين جررت الأول باللام، ونصبت الثاني عند البصريين (¬2) بمضمر مجرّد مماثل لتالي «ما» نحو:
ما أكسى زيدا للفقراء الثياب، فالتقدير: يكسوهم الثياب، وكذا يفعلون في:
ما أظنّ عمرا لبشر صديقا، يقدرون: يظنّه صديقا، والكوفيّون لا يضمرون، بل ينصبون الثاني [3/ 117] بتالي «ما» بنفسه (¬3)، ذكر هذه المسألة ابن كيسان في المهذّب (¬4). انتهى. ويتعلق بهذا الموضوع بحثان:
الأول:
أنّ المصنف اقتصر في صورة المسألة على التمثيل لها بصيغة «ما أفعل» وأما الشيخ فإنّه مثل بالصيغتين معا، فمثّل - مع: ما أحبّ زيدا إلى عمرو - بقوله:
أحبب بزيد إلى عمرو، ومثّل - مع: ما أبصر زيدا بالشّعر وما أجهل عمرا بالفقه - بقوله: أبصر بزيد بالشعر، وأجهل بعمر بالفقه، ومثل - مع قوله: ما أضرب زيدا لعمرو - بقوله: أضرب بزيد لعمرو، ومثّل - مع ما أعزّ زيدا عليّ، وما أزهده في الدّنيا - بقوله: أعزز بزيد عليّ، وأزهد به في الدنيا (¬5). وأقول: إنّ في استعمال -
¬__________
(¬1) (وتقول: أزهد بزيد في الدنيا، وأبعد به عن الشرّ، والتركيب قبل هذا: زهد زيد في الدنيا، وبعد عن الشرّ). التذييل والتكميل (4/ 665).
(¬2)،
(¬3) ينظر: منهج السالك (ص 383، 384)، وشرح التسهيل للمرادي (191 / أ) وفي التذييل والتكميل (4/ 666): (المتعدي إلى اثنين إن كان من باب أعطى جاز أن يقتصر على ما كان فاعلا في المعنى قبل التعجب نحو: ما أعطى زيدا، وما أكسى خالدا، وجاز أن يعديه بعد ذلك إلى أحد المفعولين باللام، فتقول: ما أكسى زيدا لعمرو، وما أكسى زيدا للثياب، فإن جاء من كلامهم: ما أعطى زيدا لعمرو الدراهم، وما أكسى زيدا للفقراء الثياب، فمذهب البصريين أنه ينصب بإضمار فعل، تقديره:
أعطاهم الدراهم، أو كساهم الثياب، ومذهب الكوفيين أنه منصوب بنفس فعل التعجب) اهـ.
(¬4) كتاب المهذب لابن كيسان من الكتب المفقودة، وقد ذكر الكتاب في بغية الوعاة، في ترجمة ابن كيسان (1/ 19)، وينظر: ذكر ابن كيسان لهذه المسألة في التذييل والتكميل (4/ 666)، وشرح التسهيل للمرادي (191 / أ)، وتعليق الفرائد (2/ 443)، وفي المساعد لابن عقيل (2/ 159).
(¬5) ينظر هذا التمثيل في: التذييل والتكميل (4/ 665).

الصفحة 2635